السبت، 13 يناير 2018

هو والشعر // للاديب القدير : عبد الجبار الفياض // العراق

(( هو والشعر ))
في سنواتِ الرّملِ المفتولِ 
أكاليلَ غارٍ لغزواتِ دونكيشوت 
في ساحاتِ ريحٍ سوداء . . . 
يُقلَبُ ظَهرُ المِجَنِ 
لتعُساءٍ على هامشِ زمنٍ 
يتكلمُ فيهِ رصاصٌ صامت
بلغةٍ 
لا تعرفُها إلآ أصابعُ 
تَكتبُ صكوكَ الغفرانِ بحنّاءِ الحورِ العين . . .
. . . . .
سيزيف 
يعتذر . . . 
حَمْلٌ 
أثقلَ مُتونَ نهاراتِ الكَدْح 
تكوّرَ حُزناً 
ما وسِعهُ صدرُ نبيّ . . . 
فمازالتِ الشّمسُ قُرصاً 
يغيبُ في جيوبِ ليالٍ مُقطّعةِ الأزرارِ 
لا قُرصاً 
يخرجُ من تنورٍ نازح . . . 
لكنَّ مائدةَ النفطِ المُعتّقِ في جوفِ الجوع
تُتْخمُ أبناءَ الشّيطان . . .
. . . . .
كيفَ لسلطانٍ
ألآ يلوي عُنقاً عما يَرى الدّنيا تسعى إليه 
تحتَ أقدامِ شاعرٍ
تَمرّدَ على عصرِه 
دونَ سيفِه
ولا يصبغُ جَفنيْه غَضَبٌ أسود ؟
يقيئُ رئتيْه . . .
أليسَ الشّعرُ مِروداً ؟
حمّالةَ صدرٍ ؟
رضابأً
لم يُعصَرْ من كَرمةٍ دانية ؟
اغلقوا النّوافذَ أمامَ عصافيرِ هذا الشّر . . .
لا تَدَعوا قافيةً برأس !
. . . . .
ما كانَ غيرَ شبحٍ 
يندسُّ في فراشِ فرانكو . . .
رصاصاتٍ
تحلزَنتْ في مساحةِ وجعٍ 
ذاكَ الذي هو 
لوركا 
بلونهِ الآدميِّ 
الذي لا لونَ لحريّةِ الخَلْقِ الأوّلِ غيرُه . . . 
أحرقوهُ شعراً 
تكتبُهُ الحناجرُ غَضباً على أرصفةِ الرّفض . . .
الرّمادُ قصائدُ كذلك 
أحرقوا الرّمادَ إذنْ . . .
فلامنكو بإيقاعِ الرّحيلِ الأخير *
يُلوّنُ عرسَ الدّمِ في غرناطة ** . . .
لا تدعوا لهُ قبراً يُزار
لكنَّهُ 
نسيَ أنَّ الشّمسُ لا تُقبر !
. . . . .
تمْتَمَ نيرودا بآخرِه 
لكنْ 
ليسَ قبلَ أنْ يرتفعَ سحابةً بيضاءَ
تُنغّمُها سانتياغو نشيداً أخضرَ
على أوتارِ قيثارِ يارا . . .***
خَطَفوا الصُّبحَ 
قيّدوه
لكنَّهم 
عَجِزوا أنْ يضعوهُ في زِنزانة . . . 
. . . . .
لم يُتْممْ فنجانَ قهوتهِ كنفاني . . .
أفعى بناقعِ سُمٍّ 
تسوّرتْ خُضرَ أمانيهِ . . .
يَخشى على السُّفنِ الورقيّةِ أنْ تغرَقَ ثانيةً في البحرِ المتوسط . . . 
طيورُ الأبابيلِ لنْ تبيضَ بعدَ عامِ الفيلِ ذاك أبداً !
لكنَّ سُلالةَ الفيلِ ما انقطعتْ . . .
حصانُ طروادة 
يُبعثرُ قطعَ الشّطرنجِ كيفَ يُريد 
من غيرِ كش . . .
قطعوا لسانَ النُدبة . . .
خُذوهُ
فليسَ لقدسِ اللهِ مَنْ يدعو . . . 
غابَ طالوتُ 
فشرِبَ النّهرُ كُلَّ الظّمَأَ 
قعدَ الجميعُ على سوادِ يومِهِ ينتظر . . .
. . . . . 
للفُراتيْنِ صادحٌ
تجرّدَ على شواطئِ غربتِه
سيخاً ساخناً 
يُمسكُهُ من غيرِ مِقبض
يفري بطوناً 
انتفختْ بعلاماتِ استفهامٍ مُتوحّمةٍ 
برزقٍ أرسلَهُ اللهُ في محرابِ مريم !
ما لغيرِها يصمتُ العَجَب . . .
يختارُ الزّمنُ لقاماتِهِ مناراتٍ
وحُفراً لنكراتِه . . .
. . . . .
لا تبتئسْ
لا تَطوي مِنديلاً على إصبعكَ المُعافى . . .
المدينةُ الفاضلةُ 
لم تعُدْ مُلْكاً لعرّافٍ 
يُبحرُ في شمسِ المعارف . . .
لواعظٍ 
على منبرٍ أعمى 
يصفقُ لصاحبِه . . . 
لراقصٍ 
على حِبالِ سيركٍ غربيّ
يتموّطُ على ما ترسمُهُ الحربُ من صورٍ ثلاثيةِ الأبعاد . . .
. . . . .
بلباسِ الموْجِ المفتوحِ حدَّ الإبطين 
عُراةٌ 
لا يسمحون للبحرِ أنْ يُصبحَ حوتاً
يتنفسُ برئةِ الأبراجِ العاجيّة
يزدردُ 
سفنَ الموشومين بحبِّ الطّين . . .
لا 
لا سيدي الفاضل 
الجمهوريّةُ بدونِهِ طَبلٌ مثقوب
عُرسٌ في جُمجمةٍ فارغة . . .
الزّهورُ بعبيرِها
ما جدوى أنْ تكونَ الكأسُ فارغةً لشفاهٍ
ظمأى ؟
. . . . .
الحُسينُ بدمٍ 
صبغَ خطوطَ الطّولِ والعَرضِ لكُرةِ الإنسان . . . 
جمرةٌ في قلبِ جليدِ الخوْفِ في أزمنةِ العَتمة . . . 
جيفارا بسيكارٍ 
أطفأهُ في عُيونِ مُتقعّرةٍ بظلامِ الموْت 
فما عادتْ عصاً غليظةٌ تقصمُ ظَهْراً أعجف . . .
مانديلا 
بمنديلِهِ الأبيضَ 
مسحَ دموعَ البؤساء
بابتسامةٍ 
صرعتْ مكرَ طاغوتٍ 
لم يعرفْ إلآ ظلّه . . .
تلك 
تُكتَبُ من المحيطِ إلى الخليج
تُقرَأُ بلونِ عِشقٍ فاقع
لكنَّها تُمحى بموتٍ أخرس . . .
اللّا وصاحُبها
تُحظَر 
تُحذَف
ما دامتْ لا تُتقنُ فَنّ اللّعق . . .
أتحتفلُ عواصمُ الثّلجِ العربيّ بمقدمِ صيفٍ مجنون 
يذبحُ غيومَهُ من غيرِ سكين ؟
فقد افتضحَ ربيعُهم المِثليّ 
وانتحر !
. . . . . 
عبد الجبار الفياض 
كانون ثان / ٢٠١٨
* رقصة اسبانية معروفة .
** مسرحية لوركا الشهيرة .
*** فيكتور جارا فنان تشيلي كان مع الذين اعدموا في مجزرة الملعب المعروفة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق