الجمعة، 13 مايو 2016

ومضة / الصورة المشهد / شاهين دواجي / الجوائر

ومضة: الصورة المشهد /شاهين دواجي 
- أريد اليوم أن أتحدث عن دقيقة جمالية افتقدتها عند جمهور كتابنا إلا من رحم ربك هذه الدقيقة هي معيار الأدب الجاد حيث لايمكن أن يمتلك الأديب ملكتها إلا بموهبة فطنة وعلم أصيل .... وأقصد بهذه الدقيقة ما أسميه " الصورة المشهد " 
أو الصورة اللوحة .
- ومن التسمية يمكن للقارئ أن يتنبأ "بماهية " هذه الدقيقة الجمالية لكن لابأس أن أبسط فيها القول بعض الشيئ بقدر ماتسمح به مساحة هذه الومضة .
- يقصد بالصورة المشهد أن يستطيع المبدع استفزاز مخيال القارئ بحيث يوجد لصورته مرجعية ذهنية في هذا المخيال بتعبير آخر أن تجد الصورة شرعيتها وصورتها الذهنية عند القارئ الذي تعود أن يبحث عن مرجعيات صورته خارج النص أي في واقع خارج واقع النص.
- ولأن لغة المصطلح مبهمة لا يمكن سبرغورها كماأقول دوما سأضرب مثالا رأيت أنه يساعد على إجلاء ما أقوله . 
- يقول الشاعر العراقي حازم التميمي : في رائعته حسرة اللبلاب : 
* عاشرت ليل الثاكلات كأنني*** رئة بــصدر الــشاعــر الـسيا ب 
* أتنفس السل الطريد وإخوتي *** رسموا الرحيل على سواد الباب 
- هذان البيتان من قصيدة جميلة مرمزة وموشحة بصور لم يسبق إليها هذا "المشعوذ الأسمر " حيث يحكي فيها مأساة العراق حكاية ملؤها الحداد والسواد والقتامة والدم .... حكاية تصور بحق ماجرى ويجري في بلاد الرافدين ...
- إلى أن يصل الشاعر إلى هذين البيتين البديعين فيحاول أن ينقل لنا حالته النفسية التي خيمت عليها كآبة لا نهاية لها ...
- نعم "يرسم"لنا "حازم" حازم فيهذين البيتين لوحة مقتطعة من الواقع أولنقل مقطع فيديو من مصور عرف مامعني أن يكون شخص ما مصور فيديو ...
- من هذه الأنساق القصيرة تقفز الى الذهن صورة "حازم" و هو ينظر إلى ثكالى العراق ليلا... النائحات على فلذات الأكباد وعلى الأزواج وعلى الرافدين وعلى كل شيء .... ينظر إليهم "حازم " حزينا فتخنقه العبرات ويضيق صدره وتتقطع أنفاسه وكأنه أصيب "بالسل " الذي فقدنا بسببه شاعرالعراق الفحل : " بدرشاكر السياب "
- الذي فعله" حازم " هنا هو استدعاؤه لعدة مشاهدهي :
1/ مشهد الليل ومايوحي به من الكآبة والحزن والقتامة .
2/ مشهد ثكالى العراق الباكيات على الأحبة .
3/ مشهد الشاعر "السياب " وهو يعاني السل وحيدا غريبا 
- ثم يحين الآن دور ما أسميه "الخلط الذكي " أي عملية المزج بين هذه الأنواع الجميلة من " الطين " لتخرج التحفة في ثوب أنيق تغري المهتمين بالتحف .
- كما قلت : أن ماذكرته قبل قليل لا يكون إلا بموهبة ذكية وعلم أصيل وإذن فلاينتج عن مجرد " أمنية" جامحة أوانفعال بليلى أو سعدى .... ورحم الله من قال أكتب مرة وإقرا ثلاث مرات .
بقلم :شاهين دواجي /الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق