الأحد، 8 مايو 2016

بين التراب والماء / الاستاذ ستار مجبل طالع / العراق

بين التراب والماء ( ستار مجبل طالع)
قيدٌ في خزام الروح يُدَندنُ
تدب سرايا النمل تحت جلدي 
وعروق يديَّ تَخطُ جداولاً وانهاراً
تَفيضُ في زوايا جسدي 
تَملئُني يقيناً شمسيأً
ان بداية كل الاشياء ترابٌ وماءُ
ان نهايةَ كلَّ الاشياءِ ترابٌ وماءٌ
وزيفٌ بقيةُ الاشياءِ
كلها تجري لاهثةً وراءَ سراباً
كلُّ محسوساتِ الارضِ والسماءِ تَختزنُ الفناءَ
وهمٌ كبيٌر يُعشعشُ في النواصي الغافلاتِ
تَخْرِقُ عيناهُ المسافاتَ
قبسٌ من ضياءٍ يتسلقُ ظلامَ الوديانَ الرماديةِ
همهماتُ الشجرِ الذي سقيانهُ
والثمارُ التي من شتاءٍ راحلٍ ننتظر 
هَوَامٌ حولَ نارِ المواقدِ يُؤنسنها الدفئُّ والحكاياتُ
تَبْهِتُها الخرافاتُ القديمةِ وتُخِيفُها أشباحُ السنينِ
نَحلمُ ان نعودُ للحقولِ نَبذرُ ونُغنيَّ على انغامِ المساحي والفالاتِ
وبطين الارض تُحنى كلُّ الجباهِ
وتُعَلَّمُ به كلَّ الهاماتِ
لكنَ ساعةُ الوهمِ آتيةٌ آتيةٌ 
في جموعنا شمسٌ تحرقُ
تَدْحِي أرواحَنا فينا وهماً في الصدور 
تتشظى موتا في القبورِ
تُفزِّعُ مَشيمةُ الحلمِ
وتُنيطُ اللِّثامَ عن مُرِّ الحقيقةِ
نَسمعُ نحيبَ الاحساسِ ونتسائل
مَنْ يَعْرِجُ بعرقنا للسماءِ
فوقَ الترابِ والسحابِ
وكُلُّ لِهاثُّنا وسعيُّنا الدؤوبِ
كلُّ أفراحنا وكلُّ الاحزانُ
الشجرُ الأخضرِ الذي ربيناهُ
وهامةُ الصبى السوداءِ لما ينتشرُ في إرجائها الضياءُ
الناسُ والحيواتُ
بقايا سرابٌ ينكشفُ بنور اليقينِ
نُخلّْي كلُ شيءٍ ونذهبُ اليهِ
نبكي ونغني
نصدّقُ ونكذبُ
نوفي ونخونُ
نحبُ ونكرهُ
حتى نُمْسِكَ تلابيبُ شواطئهِ
ظمآن نلقاهُ حزين ملقاهُ
يومٌ موعودٌ أزفَ فلقيناهُ
سحابة ٌ على صهوةِ الريحِ 
يُلَّمْلِمُ وهمهُ ويهربُ منا
تمطرُ مُزِّنَهُ على ارضنا أحلامَهُ وآمالَهُ
في أُناسٍ سياتونَ
بيضٌ الوجوهِ وجوههمْ
صافيةٌ العيونِ عُيونهمْ
نقيةُ القلوبِ قُلوبهمْ
بلا مذاقٍ مُرَّ الدموعِ دُموعهمْ
زمراً يأتونَ ليس منا ياتون
بآثامِ أنفسنا نَحنُ مُدَّنَّسون مُكّبلون
ورغم هول التعب الممسكِ بالخطى ونزفُها 
ومرارةُ كأسي وخمرتهُ المعتقةِ والالمُ المسكوبِ فيها
يتركُ كلُّ شيءٍ فيّ أثرا في درب الرحيل
تراثاً للقادمين
طُعْمَا للملهوفين لهفتنا
لم يكفًّ إنا سُقِينا ألم ليلِ الرحيلِ
إثر وهمنا الكبير وصلنا مُتعبين
لم نجدْ شيئاً ولم نسمعْ ولم نعرفْ 
إلا إنا وهمٌ كبيرٌ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق