الجمعة، 12 يناير 2018

ملف خاص بشاعر الاسبوع / لمؤسسة أنكمدو العربي للثقافة والادب / الاديب الاستاذ : علاء الدين الحمداني / العراق

سيرة ذاتية / الأسم علاء الدين حسين الحمداني.
شاعر من مواليد بغداد / 1960 ..عملت ضابطا في الجيش العراقي .. عضو أتحاد الصحفيين العراقيين .
عضو وكالة انباء أبابيل الدولية. رئيس مجلس ادارة مجلة نوافير للآداب والثقافة الاداري ..نائب المدير التفيذي لمؤسسة قلم الثقافية . مشارك في اغلب المهرجانات الشعرية.. أضافة ألى النشر في مختلف المجلات الدورية والصحف المحلية..
أكتب الشعر منذ عام 1979
 وبسبب الظروف السياسية لم يتسنى لي طبع المجاميع الشعرية منذ تلك الفترة... لي ديوان شعري بعنوان تمائم عاشق..وديوان زغب ويطير .وديوان أخر تحت الطبع .. المجاميع الشعرية النثرية..كتبتها متبعا أسلوب  المدرسة الحداثوية في النصوص الشعرية. 
     
        علاء الدين الحمداني

قـراءة فـي نـص الشاعـر "علاء الدين الحمداني" (( ضفـة الشيـطان ))

مسكون هذا الجانب
لا تقترب 
فيه ..من الإنس الكثير
لو أحببت ..
هناك في ضفة الشيطان 
قلم .. كتاب .. أزميل ..
بعض من الأسمال
تواري سوأة البوح الماجن..
رؤوس .. طويلة .. فارغة
عيون .. ترمقك..
بلا أدنى غاية
في باحة الشيطان 
مجرفة .. تواريك 
بعد أن تتم مراسم تشييع
ذاكرة الضفة النائية
تُزاحم الفسحة الكبيرة
سرادق منسوجة من الوهن 
وأثر من موضع نعل
خذه وانثره على زوايا العتم
يتبين لك 
من ذر الرماد بالعيون
دكات بافواه فاغرة
كؤوس مترعة من سالف الثمالة
هنا أُرضة المنسأة 
تلوذ باليباب
ريش من الغراب .. الحكيم 
وقرن مثقوب 
تعوي به الريح
ظلين يتبعانك ..
أينما تولي شطرك 
يعقبك ظل أخر
أفترشْ ذاكرة موبوءة
بأنفاس الذبيحة 
المنبوذ في ليلة العتمة
يدانيه .. الشيطان
هاك بقايا أنسان
تلفظني مرارتي
نافرا... وجلا .. ربما هناك نفعٌ
اترك لي بين الرقود
مقام .. 
حيزي ضئيل ..
الزحام شديد في الضفة النائية
كم هو مهلك 
صخب الالسنة المترهلة
كل ما في الامر
أنبذه .. أحيانا
لكن ...
كثيرا ما أدانيه 
فهو يكاتبني .. 
يرتع على حبال 
كان قد نسجها 
الملعون أبيه ..
لفظته الضفاف البعيدة
تورث هدأة  اخرى 
ضفة الشيطان
بوجوه متربة
أعياها العبور .
            
لا يمكن النظر الى عتبة النص كترف فكري أو نقدي ، بل ينظر اليه كمدخل نقدي قادر على فتح مغاليق النص وتمكن الناقد من أستقرائه . أضافة الى أستثماره بما يتضمنه من قوة لفظية ترسم ملامح هوية النص وترسل اشارات أسلوبية ودلالية أولية للقارئ ، وعنوان نص الشاعر "علاء الدين الحمداني" الذي يحمل مسمى (ضفة الشيطان) ، شكل العتبة الأولى في القراءة ، نتعرف من خلاله على محاولة الشاعر أن يكتب عن الجانب الآخر من الضفة ، الجانب المسكوت عنه (الإنسان/الشيطان) ، يخبرنا عن وجود مساحةٍ وحيزٍ للشر يكون الإنسان فاعلاً له ، بل سوف يبرئ ساحة الشيطان ، في عملية تبادل الأدوار بين الإنسان والشيطان ، طارحاً من خلال تلك الجدلية أسئلة الذات الإنسانية المسكونة بالقلق الوجودي والهواجس المحيطة بحياة الإنسان  المتخمة بالعقد النفسية وأزدواجية الشخصية والبودقة التي أنصهرت بها أمراض العصر .
(الشيطان) لفظ واللفظ رمز يشكل صورة في السياق اللغوي ، وهو المفتاح الذي سوف يستخدم في قراءة نص الشاعر "علاء الدين الحمداني" (ضفة الشيطان) ، الذي يُعيّن القارئ في مواجهة نص مركب ، من خلال قراءة فراغات النص ، والغوص عميقاً في أعماقه . أن الشاعر في نصه المركب هذا لايريد أظهار المتعة الجمالية التي يوفرها الشعر بلغته ومجازاته وأستعاراته ، إنما أراد أن يحفر في تراث "أنثربولوجيا المجتمع" باحثاً مع القارئ عن الوعي الجمعي المتشكل من عمق تاريخي تمتزج فيه الرؤى الأسطورية مع الرؤى الدينية التي صاغت رؤاها عن الشيطان ورمزيته .
قد يتحسس الناقد أو القارئ الرؤية العميقة للشاعر في التعبير عن "الشيطان" بطريقة شعرية تكون مدخل لمعرفة ملامح الصورة الشعرية  التي تختزل كل النص من أجل فضح الإنسان في تمرده الشيطاني ، والذي يرى أن الشر لم يتسبب فيه الشيطان فحسب ، إنما الشر في جانب أخر منه ينشره الإنسان بين أبناء جلدته .

مسكون هذا الجانب
لا تقترب 
فيه ..من الإنس الكثير
لو أحببت ..

فالشاعر يريد أن يقنع المتلقي بأن مصدر الشر ليس في الصورة الشيطانية الراسخة فى العقل الجمعي ، إنما الشر ينتشر بين البشر كذلك ، ويولد من رحم الإنسان . إذاً هو صورة للشر والجشع والرغبة  المتجذرة في أعماق النفس الانسانية ، حين تفرض نفسها عليه . وهذا مصداق ما ذهب اليه المستشرق ألألماني "فريدريك روكرت" 1788 - 1866 م ، في قوله:(غادر الشيطان العالم ، لأنه يعلم أن الناس يعذب بعضهم بعضاً ) .

هناك في ضفة الشيطان 
قلم .. كتاب .. أزميل ..
بعض من الأسمال
تواري سوأة البوح الماجن..

نص الشاعر "علاء الدين الحمداني" يحتاج إلى قارئ منفتح على كثير من المعارف حتى يتمكن من أن يعيد نتاج الدلالة التي يستنبطها الشاعر من روافد معرفية كثيرة . لقد أستحضر الشاعر في نصه "الشيطان" ليأخذ دلالته ، ليكون رمزاً للتمرد وذات دلالة معجمية ودينية وأخلاقية تفيد المعنى المقصود .
نحن نعرف أن الشيطان أرتسم في مخيلة الإنسان منذ القدم فهو مرتبط بالتمرد على الأوامر الإلهية ، وهذه الفكرة وجدت في حضارات وادي الرافدين والمصرية والهندية واليونانية وكذلك في الأديان السماوية والوضعية ، حين يوصف "الشيطان" في الأديان والحضارات كرمز يجسد قوى الشر ، وهذه الفكرة تشكل قاسماً مشتركاً بين الناس في مختلف الأزمنة والأمكنة ، وفي مختلف الديانات في ربط صورة الشيطان بالشر . ولكن هناك من يعتقد بوجود قوى ، لها عقل وفهم وقدرة ، هي سبب الشر في الحياة ، فلا تجعل من الشيطان أن يختزل الشر فيه فقط ، هذه القوى تمثلت بالبشر ، بل أن بعض البشر شياطين بتكوينهم العقلي والنفسي . وهذا لا يعني نكران ذكر "الشيطان" وقد ورد كثيراً في القرآن والأحاديث النبوية والشعر والحكايات ، وفي تراث الانسانية بصورة عامة ، ولكن عندما تطرح قضية "شيطنة الإنسان" ليست انعكاسًا لمفاهيم دينية سائدة ، رغم أنها تعالج قضية دينية بعينها ، متعلقة بالشيطان والإنسان ، وأنما هناك من العلماء من أشار الى أن شياطين الأنس (هذا النوع من الشياطين خطير فعلاً وخطورته تكمن في إنه يتكلم بلسانك المادي فهو يقتلك ويعطيك السلاح والقنبلة لتقتل بها الإنسان الأخر ويسرق بيديه ويعلمك سبل السرقة) . بالرغم من أن للشاعر تناصه الديني مع النصوص الدينية ، فيتناص مع لغة القرآن الكريم في أكثر من موضع لغةً وصوراً .

هنا أُرضة المنسأة 
تلوذ باليباب
...
ظلين يتبعانك ..
أينما تولي شطرك 
يعقبك ظل أخر

الشاعر"علاء الدين الحمداني"  يمارس وعياً شعرياً عبر الكشف عن التناقضات النفسية للإنسان وعن الوقائع والأشياء التي تتعلق بعوالمه . فهو يرى أن الشياطين أصبحت تتعلم من الإنسان الشرور والأفساد ، وأن الشيطان ليس المحرك الأساسي لهما ، بل أن الفساد الحقيقى هو فساد الضمير الإنسانى . أن النص منفتح على تأوي

.. 10 ..

. قمرُ ميسان .

تأبطَ الرحيلَ

ليلُ الإغترابِ قمرُهُ كئيبٌ ...

مخضبٌ بالوجومِ ..

القمرُفي بلادي

لونُه من حناءِ ضفائرِ العذراواتِ

البساتينُ تعبقُ بعطرِ المطرِ

النخيلُ فارعُ

يزهو بالعراجينِ ... بالعناقيدِ

المروجُ طرحُها مثقلٌ بالحبوبِ

تينعُ طعمُ القُبلِ على شفاهِ الجُمّارِ

جمرُ التنانيرِ ...

يُشجي حفيفَ القصبِ

يكترثُ الطلعُ لنحيبِ النهرِ..

حينَ يمرقُ أكتافَ الطينِ ..

عثقُ النخلةِ موغلٌ عتيدٌ ..

رائحةُ الدلالِ ..

دافئةٌ أكفُ الرجالِ

دفءُ مواقدِ ( الكَرَب)

(سوالف) الليلِ الطويلِ

حكايا سعلاةِ الهورِ

تراودُني في نهاراتِ الإشتياقِ

أبسمُ بمرارةِ النحيبِ..

جفَّ الوجدُ ..

الغريبُ يُشجي عناقَ الروحِ للضبابِ ..

لأيامٍ سالفاتٍ ..

طائرٌ بجناحي شمعٍ ..

أبتّاعَ أيكا ...

هَجَرَتُه المنافي .

                                        علاء الدين الحمداني


الجُمّار/ لب عثق النخلة لذيذ  المذاق .
                                 الكرب/عثق السعف
                                 السوالف/ الحكايات
                      السعلاة/ شخصية شيطانية انثوية . ممتلئة . من الاساطير



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


... نسائمٌ ...

ذياكَ الغصنُ الغضُّ

تلاعبُهُ الرياحُ

شادٍ ... على غُصين الوردِ

تهزُّهُ النسائمُ

غرّيدٌ .. يتلو ترانيمَ الصدحِ الرهيفِ

الوردُ الجوريّ يغسلُهُ الندى

الجدولُ العذبُ

تغزوهُ الحمائمُ

أسمعُ شدو البلابلِ

أشيعُ بعيني حمرةَ الطلوعِ

ديكُنا  المتمردُ

صياحُهُ.. يأذنُ للصباحِ

بالطلوعِ

قطُّنا الهرمُ

ينظُر اليَ دونما اكتراثٍ

كأن في عينيهِ

يخبو الضياءُ

كما تخبو روحي بانطفاءٍ

اكاد المسُ

عطرَ الياسمينِ

والطلعُ الفارعُ يوغلُ في مداه

فتشتهي روحي

أنْ تتوسّد الرياحَ

تنامُ في حضنِ الصباحِ

الشمسُ تشرقُ من جديدٍ

هل لهذا العمرِ من مديد ؟

لأحلامٍ ثقالٍ

بالحبِّ .. بالجمالِ .
                                
                                 علاء الدين الحمداني 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
. زغبُ الحروفِ .

كلّما أشتدَّ الغروبُ

ضاقتْ الرحابُ بالجناحِ

يرتَّدُ الرجعُ في آذانِ الصدى..

يَنسَلُ عنوةً.. كالرعودِ

يستبيحُ سكونِي

تتوهجُ  أشياعِي

يتسرّبُ النورُ من أصابعِي

أسقي به ... شفاهَ الليلِ

يشربُني الغسقُ

تميمةَ عشقٍ

تشرئبُ الغفوة

بالوسنِ الشفيفِ

تضجُّ بي الأسحارَ

يترنّحُ في وجدي الحنينُ

أثلمُ الشغافَ ...من نبلِ قلمِي

علّني أتوبُ

يتلفتُ قلبِي اليها

يكتبُها قصيدةَ رثاءٍ

تُثيرُ زغبَ الحروفِ


صداها لم يزلْ

يموجُ بمسمعِي

تخفقُ نوازعِي

بجناحيّ من هدأةِ السكونِ

فأتوسّدُها ...


ليلاً  ... لا فجر فيه 

                                   علاء الدين الحمداني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.

سيكثرُ في زقاقنا المواءُ

ما دامَ هذا الشِبقُ اللعينُ

لم يزلْ يستبيحُ أَقطِّةَ الحي الكِثارِ ..

في موسمِ التكاثرِ القادمِ

سأرممُ ذاكرتي ..والصفيحُ

أُغَيرُ ستارَ نافذتي

أو رُبما أقتني كلباً .

يومٌ آخرُ ..

يومٌ آخرٌ مُثقلٌ بالوجومِ

 أنفض الغبارَ

عن ياقةِ معطفي المخضرمِ

فرو الياقةِ وثيرٌ

يشبهُ قطيَ الأشهبَ العجوزَ

في الركنِ الدافئ ملاذهُ

يتوسَّدُ فردةَ من حذائي العتيدِ

ذياكَ الخيطُ لم يزلْ

يَعلَقُ داخلَ جيبي

كلّما مددتُ يدي

أجدُهُ في عتمةِ الدهليزِ

الفارغِ على الدوامِ

أذكرُ في يومٍ نحسٍ ما

منذ عامٍ

قطعتُهُ وحزنتُ ..

مخذولةً سبابتي والأبهامِ

تعوّدتُ انْ أُماحَكَ ذياك

الخيطَ الواهنَ

في أيامِ القحطِ الشديدةِ

وعدتُ نفسِي مراراً

أنْ أُلبِسَها ما يُليقُ

أو أصنعَ لها قبعةً

من جلدِ الأشهبِ العجوزِ ..

لعلني يوماً ما.. اشتري معطفاً

خوفي أنْ يكون بلا خيطٍ

لا ضيرَ ...

نسجُ مخيلتي الفُ خيطٍ

أو ربّما أدعي الجنونَ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق