الأحد، 11 فبراير 2018

بعيداً عن المربد // للاديب القدير د . عبد الجيار الفياض // العراق

بعيداً عن المربد
أقلامُ البارود
( الموتى يَطلبونَ صمتَهم الذي سَرقَهُ الأحياءُ منهم )
كرِهَ كتفيْهِ أطلس
في يومٍ نَحْس
ألقى ما حَمل . . . 
أكانَ يعلمُ أنّ طيْشاً 
يُفتتُها جذاذَ خَزفٍ لا يلتئم ؟
تناثرتْ
أغلقَها لصوصٌ بشمعٍ 
قُطِّرَ من جلدِ خليفةِ اللهِ على أرضِه 
كأنَّها لغيرِهم ما خُلِقت . . . 
. . . . .
تَقَفّوا خُطواتٍ 
تركَها سامريٌّ 
جمعَ ما جمعَ من غباء
عجْلاً بخوارٍ
هزَّ جماجمَ اتخذتْها العنكبوتُ بيوتاً . . . 
تنويمةَ تيْهٍ لحظٍّ مقلوب
فكانَ الذهابُ إلى الجحيم . . . 
خارَ العجلُ مُبتسماً
سيرثُهُ بعدَ قرونٍ قرون !
. . . . .
أجهَضوا أرضاً 
اهتزَّ مهدُها بمصابيحَ لم تُطفأ 
سجَدتْ على ثَراها الثُّريا . . . 
ويحَاً لما في جوفِها المتورّم 
أراقوهُ خمْراً
لغانياتِ ليلٍ ثملٍ برائحةِ شرقٍ مسحورٍ ببخورِ الوعّاظ . . . 
ترقصُ شفوفُهُ على أجسادٍ لدِنة
لونُها العاجي
يُحركُ مياهاً راكدةً في أعماقِ بئرٍ 
هجرتْهُ على زمنٍ دِلاء . . . 
أصَوابٌ ما قالَهُ معتوهٌ ؟
إنَّ مفتاحَ كُلِّ الأبوابِ غانيةٌ وكأس . . .
وقالتْ على صدقٍ حذامِ 
المستترُ كانَ ثالثاً !
فلْيحملْ جُحا حمارَهُ مُحتسِباً . . .
. . . . .
إيماءةٌ 
ردّها الشّيطانُ عن نفسِه
ادخلتِ القمرَ خيمةَ محاقِهِ حبيساً لآن
نفَقَاً
شرِبَ آخرَ قطرةٍ من نور . . .
ما بزغَ لشهرزادَ فجرٌ بَعْد
جُذّتْ جدائلُها
ذوتْ منها قُطوفٌ دانية
ليس رمادُ الشِّعْرِ كِحلاً لجفون . . .
أتتَذهّبُ على جيدِها قلادةٌ من فحم ؟
لا مِلاحَ . . .
لا مُباحَ . . .
انتهتْ أوتارُ زريابَ إلى حبلِ غسيل . . . 
أغلفةُ الموْت
تشيّعُها دروبٌ خلَتْ من أحذيةِ جلْدٍ سلطانيّ . . . 
الموتُ هنا فقيرٌ كذلك !
. . . . .
طفحَ (الأبيضُ) بسوادٍ 
غطّى قرنَ الشّمس . . . 
ضاقَ صدرُها المقابر 
اختنقَ الرّملُ بنشيجِ الموتى . . . 
هم 
لا يشربون الدّمعَ السّاخن
لا يأكلون ما تفنَنَ بهِ الطُّهاة . . .
يُحزنُهم 
أنَّ صوتَهم لا يُسمع . . . 
أسماءَهم 
تسلّقتْها قرودٌ 
ما خجلتْ من عوْرة . . . 
حراباً
ما فتئتْ تبقُرُ بطونَهم . . .
إنَّهم 
لا يشربون القهوةَ صباحاً خلفَ كَراسٍ مُتحركة 
تهَبُ لنؤماتِ الضّحى معروشاتٍ مُعلّقة . . .
. . . . .
لم يزلْ برومثيوس يحفرُ كبدَهُ نسرٌ جائع . . .
لا تقلقي أيَّتُها الطّيورُ الجارحة
النّجومُ
لا تأكلُ لحماً بشريّاً 
خبزتْهُ الحربُ في تنّورِها شَبِعَاً 
لا يجوع . . . 
هو لكِ من سماسرةِ اللّونِ الأحمر !
دعيها 
خُوَذَاً مثقوبةً تَجمَع . . .
أحذيةً 
كانتْ وسائدَ خاليةً من أحلامِ العِشق . . .
وصايا 
تجمّدتْ على شِفاهِ سَبَخٍ 
فقدَ لونَه . . . 
آخرَ نظرةٍ ملتصقةٍ على زهرةٍ بريّة
أُغلقتْ بعدَها النّوافذ . . .
فهلْ أدركَ الطّيرُ أنَّ هذهِ الارضَ (تجوعُ ولا تأكلُ بثدييْها) !
. . . . .
لم تكنْ هناكَ عصا 
تفلقُ بحراً . . .
طيرُ أبابيلَ 
تحرسُ بيتاً . . .
لا نارَ في أحشائِها بردٌ دافئ . . .
إنَّهُ هذا المُتجرّد 
إلآ من قامةٍ عصيّةٍ على الإنحناء . . .
لا ينامُ على وسادةِ غيرِه . . .
نَعَمْ ولا 
لا تجرّانَهُ إلى ما لا يُريد . . .
يعصرُ ألمَهُ سُكّراً لمرارةِ فنجانِه
لا بلعقةٍ من دسمِ موائدَ 
تشابهتْ فيها الأضداد . . . 
يفتلُ غضبَهُ حبلاً 
يُبندلُ مَنْ برا سكّينَهُ في خاصرتِه . . .
لا تخونُهُ قبلةُ الصّديقِ لأخوتِه . . .
عينُ الشّمس 
لا تراهُ إلآ هكذا ! 
. . . . .
عبد الجبار الفياض 
شباط / ٢٠١٨

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق