الاثنين، 29 فبراير 2016

دموع وطن جريح / بقلم فراس المصطفى / سوريا

دموع وطن جريح
/ فراس المصطفى /
........................... 
ذهب يفتش عن ملاذ ملائكة ، رحل باكراً ، قطع المسافات برجليه وقلبه الظمآن قبلةً راحلة ، جائع أنغام وطن ، أنغام فرح لا حزن ممل ، لكنما الدوار أرداه على أرصفة المسافات السكرى ، يترنح كرجل اللاوعي لواقعه المزري ، جعله الطريق يتهاوى ، رفع كف يده اليمنى التي لطالما مسحتها له أمه في طفولته وهي تغني له : يالله تنام يا يما . أمي انهضي ، قومي الآن ، تعالي وغني ولدكِ ، علّني أقفل العينين مؤبداً ، ولدكِ الذي هو ما بين وطن وبين ألم ، ما بين الكرى بلا قمر وبين شمس كاللظى . ما بين السنين الموحلة الآسنة وبين الحفر العتيقة ، وما بين الجنون والسهاد وبين الرحلات الممزقة ، أتذكرين حينما كنت تذرفين الدمع من جمانتيكِ الودقتين من سهر عليّ ، على أمهات ثكلى نرى عويلهنّ على أطفالهنّ الصرعى كالنار ، نراهنَّ حائرات لا يمين لا شمال ، تلك تخمش وجهها.. وتلك تمزق ثوبها ، وتلك هناك تغرف تربة براحتيها - تلك التي ناغت بها ثغر ولدها - ، ثم تنثره كنار حارقة على رأسها عويلاً شديداً.. ألماً مقيتاً.. هموماً بلا نهاية ترجى.. وفقيدة.. ، هن أمهات من فلسطين.. وطن الجراح التي لا تستكين ألماً بسبب تجار على العروش والحروب والدين ، نياشين ضعوا على صدوركم ، شم الأنوف أنتم ، ويقولون كذبة ما عاد يهضمها الأطفال ، سنحررك يا فلسطين.. كذب وتجار دين.. لصوص مارقين يلهثون وراء الفتات.. ، وأمسينا مثلك أمي فلسطين ، نرى النور ناراً والشعاع آلاماً والماء ماء نار وحتى رغيف الخبز ما عاد له نكهة إلا بهتكه بالدموع ، شلل وجوع.. برد وظمأ وأطفال رضع وجوعى ينادون وطناً ، يتهادون فيما بينهم ذرات الأمل ، فيما بينهم يُتَمْتِمونَ بجانب الخيمة الرمادية الممزقة ، أنا غداً طبيب وأنت مهندسة وأنت معلمة وممرضة وشاعرة في مدينتنا الجميلة ، يشكلون حلقة كل يوم بعد تناول الخبز المغمس بالدموع ، لعن الله المجرمين ، جعلونا شذاذ الآفاق بعد أن كنا نمشي ببعض كرامة ، ببعض من فتات الخبز مغمسة لا بدموع أمي بللت ، بل مبللة بالأمان وبعضاً من كرامة ، أمسينا نازحين ونحن في وطن ، ينظروننا كلاجئين أبناء وطني ، وكأننا جئنا من خلف آكام مسحت وجوهنا من الكرامة ، إهانة ، كنا بشر لا حجر ينقر على رأسه نحات الألم ، والنظرات من ناظرين بطابع الحقارة والمهانة ، أنتم لاجئون مشردون بلا قيمة ، وصرنا متسولين على الأرصفة المبعثرة بنكهة أعقاب سجائر المترفين تجار المهانة والبشر وبياعي الدين ، وما بقي لنا إلا رصيف الذكريات ، عل الرصيف ينسينا مرارة الحنظل وعمق الألم ، وعويل الوطن ، جبال الترهات ازرعي قمحاً وزيتوناً ولا تنسي أكواز الذرة ، على أجسادنا ازرعي محاصيلك المليئة بالحرام ، سئمنا يا وطن ، والموت كان للأمل ، كفناه بالأسود الحزين كما عمى الطخية ، والتراب كان الخمار تحت الأرض ، فلقد وجدنا لك يا أملنا وطن ، تدثر جيداً بالكرامة ، ولا تنس خبزاً مغمساً بدموع أمي ، وحنين وطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق