الاثنين، 1 فبراير 2016

صدى الحب / ق. ق . / الاديب هادي المياح / العراق /

صدى الحب
-------------
شعاع فاتر من ضوء الفجر ،ينسّل داخل الصالة..الحقائب المركونة تغفو على جنبها منذ الليل الفائت..والظلمة حالكة تلتف على عنق الأشياء. صدى خافت ينبثق عبر الزجاج..يجول بمقلتيه هنا وهناك..ينقل خطاه المثقلتين ببطء..يتكأ على الجدار الممتد حتى الباب الخارجي..يسمع صوت قريب مشوش ..يختلط بطنين لازمه منذ احتفاله باليوبيل الذهبي..بكاء واضح ومتقطع لطفل، يعلو ثم يهبط، يهبط ثم يعلو، تأكد انه ابنه..يصخي السمع ..الفراق كابوس يبعث على القلق..يفتح ابواباً جديدة من الوجع..يشعر ببداية رغبة في البكاء، تكبر بعد هنيهة حتى تكاد تخنقه، وشعاع الضوء يخفت في داخل الصالة..
........
لايزال الوجع يعاود ظهوره بين ثنايا الصدر،فيتحول بالتدريج الى الم يستقر مابين الضلوع .. الصراع العنيف ليلة البارحة ،اضاع كل الأحلام دفعة واحده، وأربك مسيرة عمر من السنين الطويلة،المفعمة بالحب والامل..اخر رشفة من قهوتها اوحت اليها بجميع الصور الجميلة ،التي تربطها به..الساعة تقارب الثالثة فجراً.. أَلقٌ من نور مشع يومض بغتة ،فيغمرها بشعور جامح يسري بها إليه.. بدا لها يتخبط في ارجاء المنزل وفراغاته المملة..رأته يتعثر بأثاثه وآهاته.
...........
ينساب الصوت بخفة كالهمس.. تصطدم ذراعه اليمنى بمسند كرسي طاولة الطعام .. يهوي جسده على حافتها الخشبية المقوسه فتهتز بقوة.. يتدحرج احد الاطباق الزجاجية ويسقط على الارض ..صوت تشظيه يخدش المزاج..وقع اقدام مرتبكة تتخبط في الظلام.. وصوت ارتطامها في الباب الخارجي يثير انتباهه..يستجمع كل ما به من قوة..يعود مرة اخرى فيتذكرها وقد كانت في حالة غضب شديد.. تجهز الحقائب .. استعداداً لمغادرة المنزل عند حلول المساء ..
..........
يرن هاتفها قرب السرير.. 
يجفل مذعوراً..نغمتها المميزة تعلو بلا توقف..يسحب المقعد بتؤدة ويسترخي عليه..ربما نَسِيَتْ تليفونها !..يخمد صوت النغمة .. يسمع نغمة اخرى جديدة طالما اعتاد عليها.. يتلوها صوت بكاء طفل.. الطنين يرتفع صداه في سكون الليل.. فيختلط بصراخ الطفل .. يرتاب كثيراً مما قد يحصل ..يسحب قدميه نحو الخلف باتجاه الصالة.. لا اثر للحقائب التي تتكىء على الحائط.. والباب الخارجي ما يزال موصداً ..
.........
تشعر بالضيق يحيط بها..راحت تلملم بقايا أحاسيس مشتته كانت تعيش عليها ..لم تنتظره يتغير في يوم ما.. إنه مغمور الى ابعد حد في تناول الخمرة.. ولطالما نهته عن ذلك.. لطالما حاولت كسر كؤوسه.. ولكن قلبها إنكسر قبل كل شيء ..كان حبه مازال معشعشاً في قلبها. 
...........
صوت اخر لمنبه سيارة اسعاف قرب المنزل.. هو يترنح كدوامة انفلتت للتو من خيطها.. يشعر بالإرهاق ..يتهيأ له نقراً خفيفاً على الباب ..يتبعه انارة جميع اضوية المصابيح داخل المنزل . يفاجئه شبح زوجته وهي خارجة من باب غرفة النوم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق