السبت، 20 فبراير 2016

توابيت القهر / الاديب عصام كامل /

قصيدة تفعيلة على البحر الكامل ((توابيت القهر)) شعر : عصام كمال
............................................................................... 
عِنْدَ المَغِيبِ ، اللَّيْلُ يَدنُو خُلْسَةً
لِتَنَامَ شَمْسُ الْكَونِ خَلْفَ حِجَابِهِ
فَتُلَمْلِمُ الإِشْرَاقَ مِنْ صَدْرِ السَّمَا
وَ تُوَدِّعُ الأَطيَارَ ، وَ الأَزهَارَ فِي صَمْتٍ مَلِئٍ بِالشَّجَنْ
وَ كَأنَّهَا تَهْوِي إِلَى أَعْمَاقِ بَحْرٍ ...
تُطْفِئَ الأَكْدَارَ ، وَ الأحْزَانَ ، وَ الزَّمَنَ الَّذِي مَرَّتْ بِهِ
رُوْحٌ يَئِّنُ قُيُودَهُ ، وَ الذَّاتُ قُضْبَانٌ لَهُ
مِنْ قَهْرِ أَفْكَارٍ غَشَتْ بِطُنُونِهَا نَفْسًا بِرَغْمِ يَقِيْنِهاِ
كَصِرَاخِ طِفْلٍ فِي العَرَاءِ شَكَا النَّوَى
وَ يُكَفْكِفُ الدَّمْعَ -الَّذِي يِهْمِي - بِأَوارَقِ الخَرِيفِ ، وَ بَأْسِهِ
يَأْسٌ دَمَى غَوثًا وَ قَد خَابَ الرَّجَا
هَا نَحْنُ نَقْطِفُ زَهْرَةً ، وَ نَهِيمُ عِشْقًا بِالشَّذَا
هَا نَحْنُ نَبْغُضُ شَوْكَهَا 
وَ بِدُوْنِهِ !
لَنْ نَعْشَقَ الأزْهَارَ ، أَو نَسَمَاتِهَا
هَا نَحْنُ نَقْتِلُ بَعْضَ أَحْلَامِ الهَوَى
هَا نَحْنُ نَنْقِشُ ذِكْرَيَاتٍ فَوْقَ جُدْرَانِ الْأمَانِي ...
ثُمَّ طَوْعًا نَهْدِمُ الدَّارَ الَّتي عِْشْقًا حَوَتْ
عَارٌ عَلَى الْقَلْبِ الَّذِي بَاعَ الهَوَى
لَيْلٌ تَهَادَى سُهْدُهُ
تَصْحُو قُلُوبٌ ...
تَرْتَجِي الأَقْدَارَ تَشْفِي جُرْحَهَا
رَغْمَ السُّكُونِ...
وَ خَلْفَ أَسْتَارِ الدُّجَى
تَتَأَلَّمُ المُهَجُ الَّتِي تَبْكِي الشُّمُوُعُ بِدَمْعِهَا
كَمْ مُهْجَةٍ قُتِلَتْ بِمِحْرَابِ المُنَى
تَتَأَرْجَحُ الذِّكْرَى عَلَى أَمْوَاجِ أَمْسِ بِالأسَى
يَمٌّ هَوَتْ شُطْآنُهُ
وَ سَفِينَةٌ عَصَفَتْ بِهَا الرِّيَاحُ لَمَّا أَبْحَرَتْ
فَقَدَتْ شِرَاعَ الأمْنِ ، وَ الْقْبْطَانُ مَفْقُودٌ ...
وَ مِجْدَافٌ هَوَى
وَ الْخَوفُ يَهْذِي مِنْ صَدَى صَرْخٍ ...
وَ مَا زَالَ الرَّجَا يَسْتَنهِضُ الآمَالَ مِنْ أَيْدِ الفَنَا
لَوْلَا يَجِفُّ البَحْرُ فِي أَعْمَاقِهِ
وَ إذَا بِهَا الطُّرُقَاتُ قَدْ عَجَّتْ بِأَسْيَافٍ ، وَ أعناقٍ...
وَ ثَارَ القَهْرُ فِي عَتَمِ الدُّجَى حَتَّى دَمَى دَرْبَ البَشَرْ
قَد أَحْرَقُوا نَسَمَاتِ فَجْرٍ بِالمُنَى
أََيْنَ الفِرَارُ مِنَ الرَّدَى
إمَّا الخُضُوعُ لِرَغْبَةٍ
إِمَّا تَوَابِيتُ الفَنَا
وَ الرُّوْحُ تَصْبُو لِانكِسَارِ البَطْشِ...
بِالأَمَلِ الَّذِي يُزْجِي الْقُلُوبَ عَزِيْمَةً
قَفَصٌ تَلَا قَفَصًا ، وَ تَشْتَاقُ العَصَافِيرُ الفَضَا
حُرِّيَّةٌ مَفْقُودَةٌ وَ الْحُلْمُ مَسْجُونٌ بِأقْفَاصٍ ، وَ أَصْفَادٍ...
وَ النُّهرُ ظَمْآنٌ لأَحْضَانِ الطُُّيُورِ وَ صَدْحِهَا
وَ البَحْرُ يَهْوِي بِانْحِسَارٍ ...
يَسْتَحِمُ المَاءُ بِالطِّينِ الَّذِي يَغْشَى العُيُونَ وَ مُهْجَةً
سَنَاءُ الحُبِّ غَادَرَ لِلْعَدَمْ
وَ القَوْمُ مَا زَالُوا نِيَامًا فِي قُصُورٍ مِنْ ذَهَبْ
وَ الطَّيْرُ فِي أَقْفَاصِهَا تَأسُو المَدى
يَا أَيُّهَا الكَوْنُ الَّذِي يَغفُو ، وَ يَصْحُو بِالقَدَرْ
يَا أَيُّهَا البَدْرُ الَّذِي بَيْنَ الدُّجَى سَاقَ الأَمَلْ
الشَّمْسُ حَائِرَةُ المَدَى
بَينَ الشُّرُوقِ ، وَ بَينَ أَشْجَانِ الغُرُوبِ ، و َدِفْئِهِ
النَّاسُ حَيْرَى تَهْذِي ، وَ الضَّمِيرُ هَوَى ، وَ غَابَتْ رَحْمَةٌ
عَدْلٌ قَتِيلٌ ...
وَ الدِّمَاءُ تَسِيلُ غَدْرًا مِنْ شِفَاهِ الوَْرِدِ ...
وَ الأَحْقَادُ أَدْمَتْ دَوْحَةً
وَ الشَّمْسُ صَارَتْ تَسْتَحِي مِنْ قَرْنِهَا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق