الاثنين، 12 نوفمبر 2018

مجلة انكمدو العربي للثقافة والأدب // صراع الجنس البشري على مر التاريخ / المسيح يصلب من جديد / رواية نيكولاس كازانتزاكي // بقلم الاستاذ : اياد خضير / العراق

صراع الجنس البشري على مر التاريخ
المسيح يصلب من جديد
رواية نيكولاس كازانتزاكي
اياد خضير / العراق
يعالج الكاتب مصير الإنسان كما يراه منذ الأزل والى الأبد ، من خلال روايته هي ان الأشرار يقومون بالأذى لأنقى البشر الأكثر صدقاً وسلوكاً حتى النبي لا يسلم من شرورهم ، في أحدى القرى اليونانية يقوم الأهالي بأحياء شعائر مقدسة تعود الى التاريخ القديم وهي لأحياء مراسيم عيد القيامة ، حيث يختار مجموعة من أهل القرية ليمثلوا دور الشخصيات في حياة المسيح ، من البداية حتى صلبه أي تجسيد سيرته الذاتية ، فيقوم الأشخاص الذين تم اختيارهم لهذه المهمة ، يتقمص صفات الشخصيات لمدة عام كامل ، الأشخاص هم من حواري المسيح عليهم الامتناع عن الشرب والكذب ومساعدة الناس وعدم إيذائهم ، وهنا تكمن المهمة الصعبة من خلال التجهيز للاحتفال وأصعب دور هو دور ( يهوذا ) الذي وشى بالمسيح فما الذي يقوم بهذا الدور وكيف يتم اختياره من قبل مجلس شيوخ القرية الذي لا يكون اختيار شكلي بل على أخلاق تميز الأشخاص المشاركين اما كبار القرية فيسندون دور( يهوذا ) لرجل قبيح دون مراعاة لمشاعره وكذلك دور المسيح لشاب جميل ، في أحداث الرواية تشاهد حقيقة ( يهوذا ) الذي يسعى لإيذاء الناس بعد ان أوكل له الدور ويكون حاقدا على الشاب الذي وكل له بدور المسيح ويحاول قتله بشتى الظروف وبالمقابل الشخص الذي أوكل له دور المسيح يحارب جشع كبار القرية البخلاء الذين لا يهمهم سوى جمع المال ، عندما حلت كارثة في قرية قريبة قاموا باستغلال النازحين لكن عندما يكتشفون فقرهم يعرضون عن مساعدتهم .
( قال القسيس :
ــ العثور على الأشرار سهل يهوذا#1 ومريم المجدلية #2، لكن ماذا عن الأخيار ؟
قي هذا انتظر منكم ، أين نجد ـ استغفر الله ــ رجلاً يشبه المسيح ؟
على الأقل يجب ان يشبهه الى حد ما في هيئة جسمه ، لا نريد أكثر من هذا ، هذه الفكرة حاصرتني أياماً وأسابيع وحرمتني النوم عدة ليال ، لكن أحسب ان الله من على واحذ بيدي ، وأظن أنني عثرة على الشخص ) ص24
الشاب ( مانولي ) بطل الرواية يتمثل بأخلاق المسيح ويساعد النازحين وكذلك يقوم بإلحاق الضرر بمصالح كبار القرية ، تدور الإحداث بوقوف سكان القرية مع يهوذا بمواجهة المسيح المفترض .
( قال القسيس بلهجة وقورة :
ــ في توزيع الأدوار فزت يا مانولي بالنمرة الرابحة ، الرب أختارك أنت لتبعث بجسمك وصوتك ودموعك الآلام المقدسة ، أنت الذي ستضع على راسك أكليل الشوك وأنت الذي ستجلد ، وأنت الذي ستحمل الصليب المقدس وتصلب ) ص34
الرواية أخذت الخط الزمني البسيط من الماضي الى الحاضر مع بعض ( الفلاش باك) التي قامت به بعض الشخصيات عندما اعترفت بخطاياها في الماضي وجاءت هذه الاعترافات في محلها ليقول الكاتب ان جميع البشر خطاؤون بما فيهم القسيس الذي لا يجب ان يكون منزها من المعاصي ، هذا جعل الرواية منطقية وواقعية .
عند مجيء القسيس ( فونتيس ) وشعلة الجائع ليزداد تسارع عجلة الإحداث وتظهر العداوة والبغضاء والخوف من فقدان السلطة من قبل القسيس جريجورس فتصار الحبكة الى أوجها بإعلان ميشيل مجنونا وهدر دم مانولي .
زمن الرواية لا يتعدى العام الواحد لكنه سرد الأحداث يوما بيوم ليجعل القارئ يسترسل مع التحولات في الشخصيات والأحداث ... في هذا العام خاضت فيها كل شخصية ما أراد لها الكاتب من إحداث ومغامرات وتجارب دون إسراف او تقصير يعيد نيكوس فكرة الصراع بين الخير والشر ، وواقع الخير الذي يدس ويموت أمام قوى الشر وهذا تمثل في شخصية مانولي ( الممثل للمسيح ) أمام أهل قريته الذين يقررون قتله ظلماً ولا يعتريهم أدنى أحساس او ذنب يذكر .
رواية تجعلك تعيش التفاصيل وتشعر بها ، تحزن مع شخصياتها وتعيش آلامها ومعاناتها ، ليصلب المسيح من جديد على أيدي أهله وسيصلب من جديد في كل زمان ومكان .
رواية في 578 صفحة ملؤها المتعة البحتة والتشويق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#1 مريم المجلية ، تعتبر أهم التلميذات ليسوع المسيح وتعتبر رمزاً للإنسان الخاطئ الذي يتوب أخرج منها المسيح سبعة شياطين ولها مكانة عالية وهي أول من ظهر لها المسيح بعد موته حسب ما جاء في إنجيل يوحنا ولقد شهدت مريم المجدلية غالبية أحداث الصلب وكانت موجودة في محاكمة المسيح وسمعت بيلاطس البنطي يعلن حكم الإعدام ورأت الجميع تضرب وتهين المسيح وكانت واحده من النساء الواقفات قرب المسيح أثناء الصلب لمحاولة تعزيته وكانت أيضا أول شاهد على قيامة المسيح من الأموات أرسلها المسيح لكي تخبر الآخرين .
#2يهوذا هو واحد من تلاميذ المسيح الاثنى عشر معنى اسمه بالعبرية ( الحمد ) وهو التلميذ الذي خان المسيح وسلمه لليهود مقابل ثلاثين قطعة فضة بعدها ندم على فعلته وأعاد المال الى كبار الكهنة الذين رفضوا أعادتها لخزينة الهيكل كونها كانت ثمناً للخيانة ، واشتروا بها قطعة الأرض سميت حقل الدم لتكون مقبرة للغرباء وقتل نفسه شنقاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق