قصة قصيرة (في البيت المهجور)
كطفل في سني كانت شجاعة كبيرة ،أن أدخل البيت المهجور وحدي لأقطف العنب ولكن ذلك لم يكن غريبا عني فأنا كنت أقطع مسافة طويلة ليلا بين منزلنا ومنزل جدتي دون أن يهتز لي جفن، واستمرت جرأتي إلى أن كبرت ولقبت بالجندي، دخلت ذلك البيت مرارا وتكرارا ،كانت هناك بفستانها الأبيض تنظر إلي بأجمل ابتسامة جمالها لا يصدق، ولبراءة طفولتي لم أسأل لماذا توجد هناك،مع أن لا أحد يعرفها فالبيت مهجور،ولم أخبر أحدا عنها ،استغربت أنها لم تطردني وتتركني أقطف العنب في كل مرة ،وعندما كبرت ،ذات ليلة استيقظت لأشرب في منتصف الليل، وجدتها قرب رأسي كانت تنظر إلي، أردت أن أصرخ انعقد لساني خمنت أنها ليست من البشر لأني كنت أغلق باب الغرفة من الداخل وإلا فكيف دخلت ،ولكن وجهها كان مؤلوفا بالنسبة لي ،بدأت أتذكر أين رأيتها وفجأة رأيت عنقود العنب الذي قدمته لي بيدها ذات مرة ، يا إلاهي ماهذا هل أصبت بالجنون ،ولأول مرة أسمع صوتها ،أنا أحبك ،وأنت تحبني لماذا تبدوا عليك الدهشة عندما رأيتني؟قلت لها أنا أحبك !متى وأين ،قالت:ألم أكن حاجزا بينك وبين كل النساء ؟ألم تهرب وتترك زوجتك في ليلة زفافها ؟لماذا لم تستطع أن تقترب من امرأة طوال هذه المدة ؟ألا تحلم بي كل ليلة في منامك ؟هذا لأنك تحبني أنا، قلت لها كيف عرفت أني أحلم بك ،ضحكت وقالت أنا أعلم أكثر مما تظن،لقد كان معها حق ،بعد انفرادي بزوجتي خرجت مهرولا وتركتها ،كان هناك حاجز بيننا أنا لم أستطع رؤيتها أصلا؟كل ما أحسست به هو ارتفاع في درجة حرارتي، حتى ظننتني أحترق، جريت وجريت وارتميت في البحيرة ومنذ تلك الحادثة والعداوة بين عائلتينا،وقبل ذلك تلك الفتاة الجامعية التي كانت تحاول التقرب مني،ما إن أراها حتى أختنق ،صفعتها ذات مرة دون شعور لأنها أمسكت يدي ،المسكينة ظلت تبكي شهورا لأني تركتها ،لا تتوقعوا مني أن أبكي عليها أنا أيضا لأني لا أحسها، لن تسمح عاشقتي بذلك لن تتركني أمنح قلبي لأحد، لأنه معها ،لا الفتاة ولا زوجتي كان لهما ذنب المشكلة بي أنا ، هذا الكيان كان يريدني له ، لم يتركني لأحد، هذا القلب الذي أملكه ،يتحكم به هو ،أنا لا أتعلق بأحد ، لا أستطيع ذلك ، كل معاملاتي سطحية ،لا أندم على العلاقات ،أتخلى عنها بسرعة، أتخلص منها لأنها تخنقني ،أسعد أوقاتي في المسافات ، أنا آخر شخص يستهويه شيء اسمه الجسد، أنا آخر شخص يهتم لأمر جسد،أنا أهتم بها هي ،صوتها طيفها، أتعقبها في الوديان والغابات والبحار ، أبحث عنها في منتصف الليل ،وجدوني ذات صباح نائما في مقبرة بمنطقة بعيدة عن مقر سكني ؛لا أعلم كيف وصلت إلى هناك ،كل ما أذكره أني دخلت لأنام في غرفتي،كل هذه اللعنة كانت بسبب العنب، أمازحكم، أنا أعشق العنب حد النخاع، مذاقه رائع لا يمر يوم دون أن آكل العنب، أقطع مسافات طويلة للحصول عليه، وإن لم أجده تقدمه لي بيدها ،مرفوقا بابتسامها.
السعدية خيا /المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق