الجمعة، 23 نوفمبر 2018

مجلة انكمدو العربي للثقافة والأدب // قراءة في قصيدة الشاعر // محمد فؤاد الخالدي // معطف الحظ // بقلم : حميد شغيدل // العراق

قراءة في قصيدة الشاعر
محمد فؤاد الخالدي
(معطف الحظ)
...حميد شغيدل الشمري
.......
البحر البسيط
عشرة ابيات
لكل امة تقاليدها واعتقاداتها
ورغم تتابع السنين توارثت هذه الاعتقدات حتى في الدول التي تدعي الرقي والتطور لانها تتصارع مع الفكر البشري كونها غيبية الصورة..لذا فهي لاتغادر العقول مهما كانت تلك العقول .ومن هذه الغيبات المدهشة الحظ والنصيب.
ليس الحظ ملمسا او يمكن رؤيته لكنه للحقيقة التي اؤمن بها انه موجود ونتعامل به يوميا من خلال الصور والرؤى المنتشرة الظاهرة في السلوكيات.
لم يُهمَل هذا المعتقد من الانتاج الادبي بل تعرض اليه الكثير من الفلاسفة والادباء وربطه الكثير من الشعراء بسلوكياتهم ولا سيما ما يتعرضون من نكسات حياتية او غزلية -وهي الموجعة اكثر لهم- فجسدوها بقصائد رائعة وخطر ببالي بيت عباسي ينسب لدعبل الخزاعي يقول من قصيدةيصف الثوب الاسود:-
(فثوبك مثل شعري مثل حظي
سواد في سواد في سواد)
اما المعاصورن لم اقرا كثيرا لهم الا القصيدة الرائعة لادريس جماع:-
(ان حظي كدقيق بين شوك نثروه....).
من مقدمتي هذه اردت الدخول الى نص جميل ولج في هذا المعتقد وبحنكة العارف المطاوع للكلمات العارف بالبسيط انه الرائع(محمد فؤاد الخالدي)
اختار لقصيدته عنوانا يدل على معنى القصيدة ومرامها ،من الوهلة الاولى تشخص امامك الثيمة للقصيدة دون عناء لكن ما يجعلك واقفا بصمت مذهل هو المعطف اذي ارتداه الحظ...اذن لقد رسم الشاعر في ذهنه كيانا للحظ وجسمه ليلبسه معطفا واناب شكله وكيانه ليلبسه هو، فالشاعر يلبس المعطف ليقول لنا ها انذا البسني الحظ معطفا ازليا وضل ثقله على مدار دورة القصيدة .رغم ان مطلع القصيدة ابتدأ بفعل ماض تعتقد للوهلة الاولى انه يتحدث عن زمن مضى لكن الشاعر استطاع ان يستدرك ذلك ليشعرنا ان للماضي مخلفات لازالت قائمة بسبب الحظ السئ الذي لازمه:-
(سار الحنين وهمي سار في اثري
وآثر الركب ان يمشي على وتري
والحظ يصفعني من كفه كدرا
طوبى لمن بات مطويا من الكدر)
لمن الشكوى بعد الله الشكوى من زمن يمشي مخالفا لارادة العشاق والا ما بال نجمتين وحيدتين ينقلب الزمن الجائر لييجعلهما تائهين في درب الحظ بين المعطف والعطف
كلاهما بنفس اللفظ ولكن البون الشاسع في المعنى اعطى للقصيدة وليس للبيت جمالا استطاع الشاعر من خلال هذين الكلمتين ان يضع بصمة للتشبيه والاستعارة تدرك ان الشاعر كتب قصيدته وهو مدرك تمام الادراك ان ما يكتبه ليس له وانما لالاف العشاق والاف الادمين الذين لعب الحظ السئ لعبته معهم.
لا يوجد في القصيدة ملل او اسهاب او اطالة غير مبررة (عشرة ابيات)جاءت بموسيقى بحر البسيط وبقافية سلسة ناعمة( الراء المفتوحة)المتداولة غير المعقدة .كما ذهب الشاعر (محمد الخالدي) بمنأى اخر من خلال الاستفهام الازلي..
(ب هل) (وام )التخيير .
واخيرا ختم القصيدة بقد اداة التحقيق..التي وضعت له املا او كما يقال ضوء في اخر النفق.
اترك لكم الاستمتاع والرحيل مع الابيات دون ان اسلب متعتها بعرضي لها...
تحية لك شاعرنا
وعذرا للاختصار
النص
......
معطف الحظ
سار الحنين وهمي سار في اثري
وآثر الركب ان يمشي على وتري
والحظ يصفعني من كفه كدرا
طوبى لمن بات مطويا عن الكدر
ما بال همي كساني البؤس معطفه
والعطف اولى بذاك الهم يا حجري
ما اصنع اليوم في حمل يعاندني
الله يعلم كم حمّلت في سفري
نجمان كنا سهام الليل ترهبنا
حتى بلينا بمن في الكون كالبشر
ما بال حزني أراه اليوم يتبعني
يجتاح صدري مثل النار والشرر
تلاطم الموجة السوداء اشرعتي
والموج يقذف من لعناته صوري
والصبر مل طريقي صار يكرهني
والباقيات بعلم الله من قدري
هل يبصر السعد يوما دار قافيتي
ام يخبر الشعر ما اخفيه يا نظري
قد أسدل الستر يا أوجاع فاحترقي
قد آن للورد ان يلهو مع القمر
محمد فؤاد الخالدي
الاردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق