الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

مجلة انكمدو العربي للثقافة والأدب // العمود الاسبوعي للاستاذ : عبد السادة البصري // تقاسيم على الهامش / خراب التعلم .. من المسؤول عنه ؟! / العراق

،عمودي الاسبوعي،،،،،تقاسيم على الهامش ،،،،محبتي لكم
( خراب التعليم ...مَن المسؤول عنه ؟!)
ربّ سائل يقول :ــ مالذي يجعلك تكرر كتاباتك عن التعليم ، وهناك أمور ومشاكل تحجب عين الشمس ؟! ، أجيبهُ :ــ لأن التعليم أساس كلّ شيء ، وإذا فسد التعليم فسدت الحياة بأكملها !!
يوم الجمعة الماضية وعند نزولي للعشّار ــ مركز البصرة ــ أوصتني زوجتني بشراء ملازم حلول وتقوية لبعض المناهج مثل ( الرياضيات ، اللغة الانكليزية ، العلوم ، ) للصف الثاني المتوسط ، لأن المدرسين لا يعطون المادة حقّها في التدريس ، ولم يقوموا بإيصالها بشكل جيد للطلاب ، فقط يدخل المدرّس للصفّ يشرح رؤوس أقلام ، ويطلب منهم إكمال المادة في البيت وتحضير الواجب حتى بدون حل لبعض الأمثلة ، قلت لها :ــ وقبل أسبوعين اشتريت له كتاب ( الاجتماعيات ) لأن وزارة التربية غيرت المنهج ولم توزع الكتب الجديدة !! قالت :ــ نعم وطلبت إدارة المدرسة منهم أن يشتروه من السوق !!
ــ الوزارة تغيّر المناهج وتتأخر في طباعة الكتب ، والمدرّسون لا يعطون للمادة حقّها في التدريس وعلينا نحن المواطنين أن نشتريها من السوق ،،،، يا للعجب ؟؟!!
عند وصولي إلى العشار مررت بالمكتبات ومكاتب الاستنساخ فأصبت بالدهشة ، لكثرة المتزاحمين من أولياء أمور الطلبة عليها لشراء الكتب والملازم لأبنائهم ، مناهج ــ الابتدائية ، المتوسطة، الإعدادية ــ كافة ، وقفت في الطابور وعندما وصلت إلى البائع عرفني فقال :ــ تفضّل أستاذ ، قلت له:ــ أريد ملازم حلول لبعض مناهج الصف الثاني المتوسط ، أعطاني إيّاها وكانت عبارة عن ملازم تمّ استنساخها قائلاً سعر الملزمة الواحدة عشرة آلاف دينار ، بحلقت بوجهه صامتاً ،فقال :ــ ما بكَ أستاذ ، قلت :ــ لا أحمل هذا المبلغ فأجابني خذه بسبعة آلاف ولا يهمّك !!، تساءلت في سرّي :ــ إذا كانت كل ملزمة سعرها عشرة آلاف فماذا بجميع المناهج ،،وإذا كان في العائلة الواحدة أكثر من طالب في صفوف مختلفة يا لأولياء الأمور المساكين ؟!
تحدثت لأصدقائي في المقهى فكان الجواب :ــ إن وزارة التربية تأخرت بطبع الكتب والمناهج الجديدة فأنزلتها على موقعها في اليوتيوب لهذا تمّ سحبها واستنساخها وبيعها من قبل الآخرين !!
ــ أيعقلُ هذا ؟! أيعقلُ أن نتحدث عن أهمية التربية والتعليم واحترام النشء الجديد وحقوق الآخرين والديمقراطية والحريات الشخصية والنزاهة ونحن نرزح تحت وابل من الفساد الذي يحاصرنا من كل جانب ، فساد في التربية والتعليم ، فساد في السوق، فساد في العمل ، فساد في الذوق العام ، فساد في كل شيء !!
مَن المسؤول عن كلّ هذا الخراب ؟! أليس من الأفضل أن نراجع حساباتنا ونحكّم ضمائرنا في كل شيء نفعله ونقرره ؟!
على وزارة التربية أولا وأخيراً أن تراجع حساباتها جيداً وتدقق في عمل منتسبيها من المسؤولين عن طباعة المناهج الدراسية وتهيئتها في الوقت المناسب ، كذلك أن تتم محاسبة الذين تسببوا بهذا الإرباك وجعلوا أولياء الأمور يدورون مع أبنائهم في الأسواق يبحثون عن هذا الكتاب وذاك ويضطرون إلى شرائها بأسعار تنهك ميزانيتهم المادية !!
كما علينا أن نحرص أشدّ الحرص على كشف الفاسدين في كل مؤسسة ومحاسبتهم ، لأن الضمير الإنساني مهما غفا ونام برهة من الوقت لابدّ أن يستيقظ ويحاسب صاحبه أشدّ الحساب ...
ولا تتركوا أبناءنا بين أهواء فسادكم ضائعين ومستقبلهم مجهول...لأنهم مستقبل العراق !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق