السبت، 10 نوفمبر 2018

مجلة انكمدو العربي للثقافة والأدب // من نافذتي // للشاعرة : نضال سواس // سوريا

من نافذتي
بعيداً هناك قرب تلك الشجرة يمارس الخريف
طقوسه بجلال ترقص عرائسه في الهواء ،وريقات
لون بعضها الشحوب وتزينت أُخراها بالحياء
تميد وتهوي على ارصفة الصباح، تتحلق حول
مقعد جليسه صحيفة تتصفح الريح أوراقها وتتطاير منها
وتتطاير منها صور أولئك الغارقين على شواطئ زوربا.
صمت لا يخلو من دندنة المطر، يقبل بنهم شفاه أوراق إستسلمت على جذوع شجرة
عجوز ، فتكدست كبقعة تحار في لونها
تكاد تشم فيها الخوخ والبرتقال، تذهبت
حوافيها ؛ ما أثراها ! تقبل أقدام الفقراء تستغفر منهم شقاء لم تستطع أن تسكب فيه لون
بهجتها ...ذهب يطلي الارصفة دفئاً ووشوشة. كل شيء يدور ،كحلقات الحياة تدور وتدور
ترتفع كفقاعة تتلقفها السماء ، لاتلبث ان تداعبها بعض من
مناقير لأسراب سنونو مهاجر فتختفي كما تداعبنا الدنيا
بقرصات مؤلمة لنتلاشى بعدها صمتا .
أتامل بحيرة احتضنتها الخضرة فأمست بلون زيتوني غريب ،
حاصرتها الاشجار بظلالها ،كعاشق غيور يأبى إلا الحصول
على شرف احتضان الرقصة الأولى، ليتمايل سطحها ملتفاً
بدوائر تتشابك مع بجعات بيضاء تدور بسحر الفتنه وتفرد أجنحة.
كل يدور كالأ مل ، كالإشاعة .تتشابه الأمور ،
تتداخل التناقضات ...تنساب قطرات الحياة بين شقوق
الصخر يزيح الهواء أوراقا ، ويترك للفراغ ان يرتشف
قبلاً من قطرات تتوضع على جذور لا تلبث ان تعلن
انبثاقاً متحدياً فارداً أذرعاً، تستقبل بلهفة املاً وشغفاً
في زاوية ما قرب شجيرات متعانقة يتحلق أطفال حول نار مشتعلة يترنمون بضحكات
بيضاء يصفعون بها برداً قارساً؛ يزيحون بها
رماد الأيام وزرقة أياديهم المرتجفة .
عائدون ...عائدون ...مازالت مخارج حروفهم سليمة.
مابين الضاد والحاء وحتى الجيم المعشقة تتلوى لغتنا
وتحتال لتبقى ....حتى متى ؟؟
أفكر هنا ....في البعيد ... لا نريد للغتنا ان تبقى مجرد
صدى الأهل ... نريدها أن تكون هي الأهل والإحتضان .
أن نعلنها سوريا (حبيبة) نقولها بحروف نطقها يخرج
من العمق بحرقة النفس لا نقولها بخفة مع الوقت ( هابيبا)
نريد أن تجترح الحروف فينا الذات والوجدان
والذاكرة .... أغار عليك يا لغتي
أغار عليك ....يا وطني .
بقلم نضال سواس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق