الخميس، 4 فبراير 2016

ق .ق. بقلم خلوصي حسين

في عربة القطار السريع ما بين باريس ومرسيليا وعلى مقاعد الدرجة الأولى كانت جالسةً مقابلي فتاةً شقراءَ الخِصل، زرقاء العينين ،كحلي الهدبِ.
مهمومةً بمكياجها، بتسريحة شعرها الذهبي، تلمس شفاهها تارة تمد الحمرة الزهرية عليهما بالقلم ،وتضمهما على بعضهما تارةً أخرى كوريقات الورد الجوري! 
عبق روائح المساحيق والعطور يمتزج بهواء المقصورة ويرسم لوحاتٍ على المقاعد المخملية.
ترفع رأسها وتنظر باتجاهي خِلسةً. وأنا جالسٌ بوقار، شارداً أرسمُ ببعض الأحرف كلمات عنها!! ولم انتبه إلى حركاتها إلاَّ عدة مرات ...فقط !!!
تعود فتُجلِسُ قامتها الرشيقة ،تُسدلُ شعرها السبل الشفاف كالنورعلى أكتافها، وكأميرةٍ غجريةٍ تستمع إلى الموسيقى الصاخبة وهي ترقص الفلامنكو بذراعيها ونهديها وأصابع قدميها. 
قلت في نفسي ربما لتهيج إحساسي الضعيف! ربما لتشُدَّ انتباهي وأنا الشرقي خجولٌ خجول! أضعُ وجهي بين يديًّ وأتذكرُ الحرام و الحلال، والجنة والنار!!!!! 
قلت في نفسي أن معرفةً في قطارٍ، تنتهي في لحظة وطئِ الأقدامِ على أرض المحطة. و لكن من حكمة الآداب أن تُعبرَ لها عن غبطتكَ وإعجابكَ. فيكون مؤسف أن لا تعرف هيَّ ماذا كتبتَ عنها وقد لا تلتقي بها مرة أخرى!! فبادرتُ لها بابتسامةٍ من عينينِ خجولتينِ ، وزدتها بانحناءةٍ على الطريقة الاسبانية! 
اقتربت مني سعيدةً . ترجمت لها خاطرتي عنها وأضفت وداعي لها كما كتبت بنصف قبلةٍ ثم قبلتين ! ولو لا الخجلْ والعجلْ لأكرمتها ب 99 فأكثر/ كما امرؤ القيس من قبلي فعلْ!!
(أثناء تبادلنا الحديثَ قبل لحظات من وصول القطار إلى المحطة ورغم صخب المكابح وصراخ السكة والعجلات وصوت الميكروفون منادياً بقرب الفراق، تبين لي أنها صحفية من مدن الشمالِ جاءت إلى جبالنا في الجنوب لتستنشق الهواء وترسم لون الحب على رئتيها من عاشقٍ كان ينتظرها على رصيف المحطة بفارغ الصبر.) 
خلوصي 
22/11/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق