الثلاثاء، 23 فبراير 2016

قصة / الأديبة رسمية طه / الديك / سورية

====بسمة الصباح=====
-------الد يك -------------
كنت دوما"ارتشف قهوتي الصباحية على الصوت الملائكي وبعد أن يشقشق الفجرنفسه بخيوطه البيضاء لترسم في السماء ألوان من الأمل وصباح جديد ليتنفس الصبح بجمال وإبداع إطلالته على غناء ديك مشرد يجوب الشوارع بحثا" عن مسكن يأويه فيوقظ أصحابه عند ولادة اليوم وعلى أنغام أصواته الدافئة في كل إشراقة فجر ولكنه فشل في عقد تلك الصفقة -- فجميع المنازل لا يعرف النوم إليها طريقا" إلا بصعوبة وبعد صراع طويل مع الأرق حتى تخلد الأرواح إلى غفوة من اليقظة على مصابيح مضاءة في كل زاوية من زوايا المنزل وعلى أصوات المذياع والتلفاز وضوضاء الشوارع والطبيعة وبالتالي فما حاجتهم إلى هذا الطير و ما فائدة هذا التعاقد والإتفاق ومواويل هذا العصر قنابل وقتال وحرب وكراهية وصراخ وزقزقة عصفور قد يأتي بين حين وآخر ولكنها زقزقة مبتورة مقهورة ضعيفة مريضة --- ومع هذا الرفض قررأن يعيش في الحياة مشردا" يجوب الشوارع والأزقة ويأكل من فضلات الناس ليصيح في كل يوم كما أعتاد وكما علمه آباؤه وأجداده ---فهذه مهنته التي قدرها الله وجعلها من نصيبه في الدنيا ولا بد من إن يقوم بها ولو على مضض وألم وحزن لما آلت إليه الأمور ---فيخرج صوته مبحوحا" مخنوقا"---مجروحا" ---و متأخرا" عن موعده وفي كل تأخير كانت أناشيد صوته تقول أنا الطير في الدنيا أجوب لأعانق الفجر الوليد بأغنية من صوتي تبشر بحلم وأمل وصباح جديد والألم يأكل من صوتي ويهزه ضوء منشور في الليل يجعلني أتوه وألحق بصيص النور وكأنه الفجر فأصيح لمرات عدة والفجر ما زال بعيدا حتى يسرقني النوم من ذاتي –فأعود إلى الصياح فأصيب الصواب أو ابعد عنه -----صواب وخطأ -عمل ومثابرة وصوت فيروز وصورة الصباح والفجر واليوم الجديد جعلني أعود إلى فنجان آخر لأسأل نفسي وأنا أتذكر واقع الإنسان وحياته مقارنة بحالة الديك وأوجه الفرق والإختلاف بينهما والفاصل فيهما حياة لكلاهما ---فيرمقني الخيام في قوله ---أتسمع الديك وقد أطال الصياح -----------وقد بدا في الأفق نور الصباح
ما صاح إلا نادبا" ليلة" ولت -------------- -- من العمر السريع الرواح
وارمق هذا الشاعر الفذ لأقول له –نعم هذا في يومك وحياتك أما نحن فالديك عندنا يصيح بالدعاء لفرج الغد المظلم حالما بالماضي عائدا بكل مصائبه ----نعم فالديك واحد ولكن المنازل والنفوس والعيون عنوان ألم فاق كل الحدود ----نعم الديك واحد ولكن لنتعلم منه وبعيدا عن الخيام بأن الحياة حية في عملنا وإدراكنا لمعنى قيمة العمل والأمل ولهذا–فصياح الديك عملا" وواجبا وقدرا" بعيدا" عن أي فلسفة كانت وووووووو --وهنا جاء الضجيج من هاتفي الذكي بصراخه فعدت من رحلتي الكونية إلى واقعي ولملمت ذاتي بانتهاء الرشفة الأخير ة من القهوة لأقفل صوت ملائكة الأرض فيروز وأنطلق إلى عملي بعزم وإرادة الحياة وأنا أكرم مخلوقات الأرض بأمل وحلم يوم جديد------------
-----------صباح الحياة---------
--------------------المحامية رسمية رفيق طه----------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق