الشاعر فلاح الشابندر "الومضة الشعرية"
الرمزية والأتساع الدلالي
بقلم/ حسين الساعدي
الجــزء الثاني
(الومضة لغةً من«وَمضَ» و ومضَ البرقُ: لمع خفيفاً، و أومَضَتِ المرأةُ: سارقتِ النّطر، و أومضَ فلانٌ: أشار إشارة خفية. و في هذا المعني شيءٌ مِن اللّمعان و التلالُؤ و التألُق و الإشراق و التوهُّج و فيه شيءٌ من الإدهاش و التشويق و فيه شيءٌ آخر من الشفافية و الغموض الآسر و عدم الايضاح لکلّ شيءٍ.و فيه شيءٌ آخر مِن التکثيف و الاختزال والاقتصاد اللّغويّ) عن الدکتور حسين کياني الدکتور سيد فضل الله مير قادري ، "الومضةُ الشعريّة و سماتها"
وعُرفت على أنها (لحظة أو مشهدٌ أو موقفٌ أو إحساس شعريّ خاطف يمّر في المخيلة أو الذّهن يصوغُهُ الشاعرُ بألفاظٍ قليلة)ٍ ، المصدر السابق .
فالومضة الشعرية شکل من أشکال الحداثة ، ونمط من الأنماط الشعرية ، فهي وليدة عصر ثورة الأتصال والمعلوماتية ، وتعبير عن روح العصر ، والذي شجع على كتابة هذا النوع من النصوص مواقع التواصل الأجتماعي ، وهذا ما يلاحظ على صفحات هذه المواقع ، ولكن الذين يكتبون "الومضة" هل يكتبونها وفق المقومات التي تكتب بها ؟ الجواب: كلا ، لأن الكثير لم يكتبها وفق مقوماتها ، وهناك من يكتبها ، على إيقاع تسارع الزمن ، فتتحول الى هذيان فاقدة للشاعرية والشعرية وكل مقومات "الومضة" ، وبالرغم من ذلك ، قد يكون المستقبل لقصيدة "الومضة" ، وهذا رأي يذهب اليه بعض الادباء (الشاعر جواد الشلال والناقد محمد شنيشل الربيعي) .
وقد أُعدت تسمية "الومضة" أشكالية جدلية عند النقاد والشعراء في وضع مسمى دقيق لها ، فسُميت بمسميات شتى منها:(اللقطة ، التوقيعة ، القصيدة المركزة ،القصيدة القصيرة ، اللافتة ، الملصقة ووو.. ، لكن تسمية الومضة هي التي كان لها الحظ الاوفر من الشيوع) .
والومضة (تتسم بوحدة الموضوع وكثافته وبالقدرة على إثارة التأمل والدهشة في متلقيها. ومن سماتها انها حركية وذات قدرة على العبور زماناً ومكاناً ، وتتصف بسرعة الإيقاع وبقدرتها على الإيحاء وأكتناز الطاقة الدلالية التي تشكل بؤرة قادرة على التشظي لدى القراءة الواعية) .
من نافذة
غرب الخوف
جرجٌ فر من ضماده
المساء
هياكل غسق
تمتاز " ومضة " الشاعر "فلاح الشابندر" بالتدفق الشعوري ، وبالحدس الشعري الذي يأتي بتلقائية وبشكل مفاجئ دون ان يكون له مقدمات .
فـ"الشابندر" لايستند الى مهارته فى صياغة وكتابة "ومضته" وانما الى قناعة ودوافع ذاتية تنم عن عمق شعوره وأحساسه ، وحدسه الشعري بعيداً عن التكلف في الصياغة لأجل أرضاء المتلقي . فهو يغذي شاعريته بأفكاره ، مع تأثره بما يحيط به ، لأن وعي الشاعر ورؤيته تتشكل أشكاليات الواقع ومدى أرتباطه بهذا الواقع .
كَمْ احوجني الطباشير....!!
لأ كتبَ على سبورةِ المدى
أٌحبٌكِ
وحذارِ من سواي
فالومضة وليدة لحظة أنفعالية خاطفة مأزومة ، تأتي بتكثيف عالي وإيجاز وأقتصاد في اللغة والقدرة على الإدهاش ، أضافة الى أن الشاعر " الشابندر" تمتاز ومضاته بالحساسية الشعرية المأزومة والمتوهجة ،تعكس قدرة الشاعر على أقتناص الفكرة وصياغة العبارة الشعرية والتوغل بعمقها الفلسفي ، في لحظة توهج وقدرة عالية على التعبير ، فهي شذرات مكثفة ومترابطة التركيب والدلالة ، تتصف بتقنية الإيحاء والخيال والأنزياح .
منسوجةٌ ...
من غنج ِالنعاس ِاللذيذ
تتثائب ُ...
ونباهة النهد
لئلا ينزلقُ القميصُ
متأوها........ باءهمال...!
كذلك إذا أردنا أن نتأمل ومضات الشاعر "فلاح الشابندر" فهي عبارة عن رؤى وتمرد وبؤر دلالية متميزة . وهذه البؤر تتطلب التأمل والقراءة المتأنية من أجل فك شفرات الشاعر .
غيابكِ ملامحي
ولعلها تستثنى ....
باعثة على الحرج
أصلُ الشك ِ
عطشٌ....
وتعد الرمزية سمة أسلوبية وركيزة أساسية عند الشعراء عامة وشعراء "الومضة" خاصة ، تسهم في الأرتقاء بشعريتها وتعميق دلالتها ،والومضة عند الشاعر "الشابندر" غنية بالتعابير الرمزية ، خاصة إذا علمنا أن شاعرنا مغرم بالرمزية الى حد الأغراق ، لأنها تمثل له المعادل الموضوعي لما يريد أن يبوح به ، وهذه سمة الرمزيين حين يلجأون إلى الرمز للتعبير عن أفكارهم ورؤاهم . ثم يُترك للقارئ مجالاً حسياً للتصور في معرفة هذه الدلالات الرمزية .
مَنْ يفهمكِ..... ألليلة ؟
يٌسمِعني هوسكَ باللانهايات
وأسمعك قبل بدء البدايات
فكل هذا العمر عمىً و خواءْ
أرديك َ صريعاً مثل هابيل
للكل منقلبٰ
فحذارِ من رؤاكْ
الميزة الأخرى هي الأتساع الدلالي ، الذي يتمثل بضيق العبارة ، وأتساع الرؤية ، فتأتي ممتلئة بالمعاني والدلالات ، وهذا مصداق لما قاله الصوفي العراقي "محمد بن عبد الجبار النفّري" في عبارته المأثورة :(كلما أتسعت الرؤية..ضاقت العبارة)
لان الدلالة تظهر بضيق العبارة وأتساع الرؤية ، من خلال تكثيف العبارة ، وتعميق المعنى، فتثير الدهشة عند المتلقي .
وعندها تشكو الحريةَ تتضرعُ للخلاص من إثمِكََ
وسرك السحري ينقلب عليك
حريةُ ممنوعة....
مختلطاً بهزل المغامرة !!
الرمزية والأتساع الدلالي
بقلم/ حسين الساعدي
الجــزء الثاني
(الومضة لغةً من«وَمضَ» و ومضَ البرقُ: لمع خفيفاً، و أومَضَتِ المرأةُ: سارقتِ النّطر، و أومضَ فلانٌ: أشار إشارة خفية. و في هذا المعني شيءٌ مِن اللّمعان و التلالُؤ و التألُق و الإشراق و التوهُّج و فيه شيءٌ من الإدهاش و التشويق و فيه شيءٌ آخر من الشفافية و الغموض الآسر و عدم الايضاح لکلّ شيءٍ.و فيه شيءٌ آخر مِن التکثيف و الاختزال والاقتصاد اللّغويّ) عن الدکتور حسين کياني الدکتور سيد فضل الله مير قادري ، "الومضةُ الشعريّة و سماتها"
وعُرفت على أنها (لحظة أو مشهدٌ أو موقفٌ أو إحساس شعريّ خاطف يمّر في المخيلة أو الذّهن يصوغُهُ الشاعرُ بألفاظٍ قليلة)ٍ ، المصدر السابق .
فالومضة الشعرية شکل من أشکال الحداثة ، ونمط من الأنماط الشعرية ، فهي وليدة عصر ثورة الأتصال والمعلوماتية ، وتعبير عن روح العصر ، والذي شجع على كتابة هذا النوع من النصوص مواقع التواصل الأجتماعي ، وهذا ما يلاحظ على صفحات هذه المواقع ، ولكن الذين يكتبون "الومضة" هل يكتبونها وفق المقومات التي تكتب بها ؟ الجواب: كلا ، لأن الكثير لم يكتبها وفق مقوماتها ، وهناك من يكتبها ، على إيقاع تسارع الزمن ، فتتحول الى هذيان فاقدة للشاعرية والشعرية وكل مقومات "الومضة" ، وبالرغم من ذلك ، قد يكون المستقبل لقصيدة "الومضة" ، وهذا رأي يذهب اليه بعض الادباء (الشاعر جواد الشلال والناقد محمد شنيشل الربيعي) .
وقد أُعدت تسمية "الومضة" أشكالية جدلية عند النقاد والشعراء في وضع مسمى دقيق لها ، فسُميت بمسميات شتى منها:(اللقطة ، التوقيعة ، القصيدة المركزة ،القصيدة القصيرة ، اللافتة ، الملصقة ووو.. ، لكن تسمية الومضة هي التي كان لها الحظ الاوفر من الشيوع) .
والومضة (تتسم بوحدة الموضوع وكثافته وبالقدرة على إثارة التأمل والدهشة في متلقيها. ومن سماتها انها حركية وذات قدرة على العبور زماناً ومكاناً ، وتتصف بسرعة الإيقاع وبقدرتها على الإيحاء وأكتناز الطاقة الدلالية التي تشكل بؤرة قادرة على التشظي لدى القراءة الواعية) .
من نافذة
غرب الخوف
جرجٌ فر من ضماده
المساء
هياكل غسق
تمتاز " ومضة " الشاعر "فلاح الشابندر" بالتدفق الشعوري ، وبالحدس الشعري الذي يأتي بتلقائية وبشكل مفاجئ دون ان يكون له مقدمات .
فـ"الشابندر" لايستند الى مهارته فى صياغة وكتابة "ومضته" وانما الى قناعة ودوافع ذاتية تنم عن عمق شعوره وأحساسه ، وحدسه الشعري بعيداً عن التكلف في الصياغة لأجل أرضاء المتلقي . فهو يغذي شاعريته بأفكاره ، مع تأثره بما يحيط به ، لأن وعي الشاعر ورؤيته تتشكل أشكاليات الواقع ومدى أرتباطه بهذا الواقع .
كَمْ احوجني الطباشير....!!
لأ كتبَ على سبورةِ المدى
أٌحبٌكِ
وحذارِ من سواي
فالومضة وليدة لحظة أنفعالية خاطفة مأزومة ، تأتي بتكثيف عالي وإيجاز وأقتصاد في اللغة والقدرة على الإدهاش ، أضافة الى أن الشاعر " الشابندر" تمتاز ومضاته بالحساسية الشعرية المأزومة والمتوهجة ،تعكس قدرة الشاعر على أقتناص الفكرة وصياغة العبارة الشعرية والتوغل بعمقها الفلسفي ، في لحظة توهج وقدرة عالية على التعبير ، فهي شذرات مكثفة ومترابطة التركيب والدلالة ، تتصف بتقنية الإيحاء والخيال والأنزياح .
منسوجةٌ ...
من غنج ِالنعاس ِاللذيذ
تتثائب ُ...
ونباهة النهد
لئلا ينزلقُ القميصُ
متأوها........ باءهمال...!
كذلك إذا أردنا أن نتأمل ومضات الشاعر "فلاح الشابندر" فهي عبارة عن رؤى وتمرد وبؤر دلالية متميزة . وهذه البؤر تتطلب التأمل والقراءة المتأنية من أجل فك شفرات الشاعر .
غيابكِ ملامحي
ولعلها تستثنى ....
باعثة على الحرج
أصلُ الشك ِ
عطشٌ....
وتعد الرمزية سمة أسلوبية وركيزة أساسية عند الشعراء عامة وشعراء "الومضة" خاصة ، تسهم في الأرتقاء بشعريتها وتعميق دلالتها ،والومضة عند الشاعر "الشابندر" غنية بالتعابير الرمزية ، خاصة إذا علمنا أن شاعرنا مغرم بالرمزية الى حد الأغراق ، لأنها تمثل له المعادل الموضوعي لما يريد أن يبوح به ، وهذه سمة الرمزيين حين يلجأون إلى الرمز للتعبير عن أفكارهم ورؤاهم . ثم يُترك للقارئ مجالاً حسياً للتصور في معرفة هذه الدلالات الرمزية .
مَنْ يفهمكِ..... ألليلة ؟
يٌسمِعني هوسكَ باللانهايات
وأسمعك قبل بدء البدايات
فكل هذا العمر عمىً و خواءْ
أرديك َ صريعاً مثل هابيل
للكل منقلبٰ
فحذارِ من رؤاكْ
الميزة الأخرى هي الأتساع الدلالي ، الذي يتمثل بضيق العبارة ، وأتساع الرؤية ، فتأتي ممتلئة بالمعاني والدلالات ، وهذا مصداق لما قاله الصوفي العراقي "محمد بن عبد الجبار النفّري" في عبارته المأثورة :(كلما أتسعت الرؤية..ضاقت العبارة)
لان الدلالة تظهر بضيق العبارة وأتساع الرؤية ، من خلال تكثيف العبارة ، وتعميق المعنى، فتثير الدهشة عند المتلقي .
وعندها تشكو الحريةَ تتضرعُ للخلاص من إثمِكََ
وسرك السحري ينقلب عليك
حريةُ ممنوعة....
مختلطاً بهزل المغامرة !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق