الاثنين، 24 أبريل 2017

النفي المثبت !! / التغييب المؤكد للحضور / دراسة تحليلية مقتضبة // بقلم الاستاذ باسم الفضلي // العراق

{ النفي المثبت !! / التغييب المؤكِّد للحضور }
دراسة تحليلة مقتضبة لنص الرائعة مرشدة 
توطئة : بغية خلق مقاربة أحداثية ( نسبة الى أحداث وهي جملة العمليات التنفيذية والاجراءات التطبيقية وما يلحق بها من اساليب وخطط تكتيكية مدروسة ، تهدف لتحقيق فكرة معدَّة سلفاُ )، تناسب عملية ( فهم / تحليل ) هذا النص ، بموضوعية بعيدة عن الاسقاطات التفسية الذاتوية ، فإنني وجدت ان الاقرب لوصف و تصنيف هذا النص من الناحيتين ؛ الفنية ،المعالجة الشعرية لقصديته ، هو أن أطلق عليه تسمية الدَّسْتْنَص ( صياغة اجتهادية مركبة لغوياُ من / دست اي الشطرنج + نص ) وسيتضح المغزى من وراء هذه التسمية ، في سياق دراستي هذه 
إن القصد النهائي للنص 
هو تحقيق مفهوم ( النفي ) الظاهري لمخاطَب / بطل عقدة النص ، بقصد تأكيد ( اثبات ) حضوره ، بمعنى آخر : التظاهر بتغييب من هو مؤكد الحضور ، ولتحقيق هذه الهدف( المعلن المستتر )، إختارت لنصها أسلوباً تقاربياً في سيميائيته الدلالية والحَرفية ، مع مرسلات و علامات اللغة الدستية ، وبنيتها السيميائية التواصلية، كالاشارات ، الايحاءات ، واستفزازيتها الشعورية ، و سيميائيتها الدلالية ، كالعلامات والرموز، الناقلة للمعلومات الخاطئة بقصدية تضليلية ، خادعة ، توهم الخصم و تربك خططه تحمله على ارتكاب الاخطاء ومن ثم الخسارة ، وكان من آثار هذه المقاربة على النص مثلاً، ورود بعض الاشارات الاستفزازية للمتلقي ( كما يلجأ الدستيون بوسائلهم لإغاضة الخصم بهدف تشتيت تركيزه الذهني مما بسهل من هزيمته ) لغرض دلالي سأبينه لاحقاً ، ولكون دراستي مقتضبة لذا ، سأقوم بتحليل بعض مقاطع النص ، والنتائج التي سأخلص اليها ، ستكون كافية لتعميم احكامها على باقي المقاطع ، أي انها تسري على مجمل مقاصد النص ، وتعيد انتاج معناه الكلي . 
تبدأ الشاعرة حركتها الافتتاحية في دستنصها ، بمناورة ذكية ، ترمي من ورائها اختبار ذكاء ( اللاعب / القاريء ) ، الذي يشارك بلعبة القراءة ، قبل ان تقرر كشف خططها التكتيكية
لاستدراجه ، من حيث لايشعر ، الى شرَك تأويل دلالة ( نقلاتها / اشاراتها ) ، وفق غائيتها القصدية هي ، تحمله على أعلان استسلامه ، بعد قيامها بنقلتها الحاسمة ( كش / لا تأويلية ذاتية ) وقبوله الأخذَ بما حددته من مفاهيم ، لمرسالاتها الدستنصية الخطابية ، بحساب ( الايهام / المباغتة )، و اساليب ( الانسحاب / الالتفاف ) ، المكشوفة ظاهرياً ، المستورة باطنياً ، ولنتأمل بعمق وروية في حركة الدستنص الافتتاحبة / مطلعه :
إلى آخر قبرٍ 
فماهو الوقت القطعي ( لحفر/ طمر) هذا القبرالاخير، في حسابات التاريخ ( الزما ـ مكاني ) ؟؟ ، فطالما كانت الحياة مستمرة التناسل ، بديمومة وجودية ( وفق القوانين الفيزياوية / البايولوجية / الكوزمولوجية ـــ وهذا العلم بالذات أثبتَ بأدلّةٍ مبرهنةٍ ملموسة ، ان عمر الحياة على كوكبنا كما باقي كواكب المجرة السيّارة ، مرتبطٌ بعمر الشمس ، التي ستموت انطفاءً فتُميتَ معها تلك الكواكب ، بعد قرابة 170 مليون سنه ) فأي ( قبر اخير ) هذا الذي سيضم الانسان الاخير( بطل النص ، بعد ملايين السنين ( وهذا مكافيء الخلود ) ، وبعد تفكيكنا هذا المطلع الذي يمثل عتبة النص ( بالامكان اعتبار مطلع اي نص عتبة له ، حتى ان كان له عنوان محدد) اكتشافنا انه عبارة عن ( مُرسلَة ) ذات شيفرة مُمَوِّهِة ، تضادية الدلالة ، ظاهر قصدها إثارة الشعور بالأسى لدى القاريء البسيط التعاطي مع النص ، بينما قصدها الحقيقي باطني ( تحتاني ) متوارٍ وراء الاول ، دلالته خلود البطل ( المحكي عنه ) فهو لن يضمه إلا آخرُ قبرٍ، في عمر الحياة الملاييني السنين ، كما ذكرت قبل قليل ، وبتفكيك شيفرة هذه الحركة الافتتاحية ، حصلنا على مفتاح قرائي مهم ، أتاح لنا وضع اطار تأويلي عام ، لنقلات ادوات الدستنص البنائية ، اساسه ( التضادية الدلالية ) لاشاراته ودواله الخطابية ، سيمكننا من تشريح سيمياء الدستنص الدلالية ، بموضوعية دراسية ، وصولاً لتشكيل معناه النهائي الحقيقي ، 
وعند استعراضنا النقلة الدستنصية التالية :
كانَ كمثلِ كليمِ الصورة 
يغرِسُ حربَته في أطيافِ القلب
حزيناً كان
كمن يخرج مجروحاً
من أعماق الناي 
ولا صوتَ سوى
صمتِ الغيمةِ
والصخرةِ والظلِّ.
تباغتنا هذه اللاعبة الحذقة بنقلتها الدستية هذه / مقطعها النصي الثاني ، وقد حشدت العديد من الدوال والاشاراتٍ ، احداها ( كليم ) له تعددية دلالية ، بسيميائية حرفية متنوعة النبر ، والانطباع الذي قد يتولد في خاطر القاريء ، كأنفعال 
اولي في البنية الصوتية لهذا المقطع هو: ان هذه البنية تشوبها لاانسجامية ظاهرة بين نبر حروف دوالها ( لاتناغمية إيقاعاتها ) لاسيما الحروف المتكررة ، ومرد ذلك ، كما يظن ، اللاغائية التداخلية لأصوات تلك الحروف ، وهي : اولاً ـ حرفا الكاف والقاف في ( كان ، كمثل ، كليم ، القلب ،كان ، كمن ، اعماق ) و صوتهما الجهوري مع خشونة ، ثانياً ـ الصاد و السين ( الصورة ، يغرس ،صوت ،صمت ، سوى ،الصخرة ) ولهما جرسية هامسة ناعمة حلوة الوقع في الاذن ، ثالثاً ـ الراء ( الصورة ، يغرس ، حربته ، يخرج ، مجروحا ، الصخرة ) لها صوت ثنيوي الوقع احدهما مرقّق والاخر مفخّم ولكل شروطه ، رابعا ـ حرفا الميم ، النون ( كان ، كمثل ، كليم ، حزينا ، كان ، كمن ، مجروحا ، من ، اعماق ، الناي ، صمت ، الغيمة ، ) لهما صوت يشعر بالانين و التالم مع امتداد صوتهما 
و لإختبار مدى صدقية هذا الإنطباع ، سأقوم بعقد مقاربة 

تأويلية لبعض دلالات هذه البُنى الصوتية ومكافؤها القصدي : :
مقاربة البنية الاولى : جهورية صوتية مشعرة بالاحتدام الانفعالي في وجدان الشاعرة بدلالة تكرار اشارة مايكافؤه ( اعني الاحتدام ) صوتيا ( الكاف المتحركة ) ، ازاحت الشاعرة وجود مسببه ( المخاطب ) من الزمن الحاضر الى الماضي بالفعل / كان ، لكنها ازاحة مكانية ، فهو مازال (كليم ) الصورة ، فرغم اتيان الشاعرة بهذه الصفة المشبهة ذات الدلالتين المتباعدتين بالمعنى ( الاول : المتكلم مع ، الثاني : الجريح ) للتمويه على القاريء ( وهذه حركة دستية ) ، فإنها عززت حضوره في الحالتين فان كان يتكلم مع الصورة ( وهي صورتها حتماً بحكم / ال التعريف الرافعة للتنكير ) فهو مستمر الوجود لان الصفة المشبهة ( وهي مشبهة بالفعل ) من حيث عملها الاعرابي فيما بعدها في السياق اللغوي ( الوجود المبرر ) ، وان كان جريحاُ ( المعنى الثاني للمفردة) فجرحه لايعني انه مات ( انتهاء الحضور الحي ) فجرح ممكن الشفاء ( الاستمرار بالحياة ) وهذا دستيأ يعني فشل المناورة .
انتهي هنا الى هذه النتيجة : من حاولت الشاعرة نفيه مازال حاضراً في وجدانها اي ان دستية مناوراتها لم تخفِ هذه الحقيقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق