الجمعة، 28 أبريل 2017

البؤرة التخيلية في أبعاد الترميز للنص الشعري / قراءة نقدية لمجموعة / كذا أعتقد / للاستاذ جواد الشلال / بقلم الناقد عباس باني المالكي / العراق

الاستاذ الناقد والشاعر عباس باني المالكي ... وقراءة عن مجموعتي ... هكذا .. اعتقد .... شكرا من القلب لك اخي واستاذي
..
..
.(البؤرة التخيلية في أبعاد الترميز للنص الشعري )
قراءة نقدية لمجموعة( هكذا... أعتقد) للشاعر جواد شلال
أن الارتكاز على الفكرة من أجل بناء النص الشعري ، يعطي لهذا النص الإحساس التأملي ،الذي يجعل من هذه الإحساسات تأخذ نموها التخيلي المعرفي ( ابستمولوجيا) ،أي لا يكون النص الشعري مجرد تراكم لغوي فاقد التماسك المعنوي والدلالي، و المعرفة تجعل الشاعر يمتلك القدرة الحسية تجاه اللغة التي تستطيع من خلالها أن يسمي الأشياء برموزها المتناظرة مع قيمتها في الحياة والمؤثرة على الحسه الداخلي بشرطه الواعي أو اللاوعي ، وخصوصا تلك المؤثرة على مشاعره بصورتها الوجودية المنتمية لكل أفكار الشاعر التي يعيشها في الباطن ، وهذا ما يعطيه القدرة على أيجاد الرموز القادرة على التعبير عن مكامن ذاته ، و يجعل النص الشعري بعيد عن الإشارة المباشرة أو التسطح في المعنى الذي لا يريد أي شاعر يضمنه لنصه الشعري ، و يمسك الدلالة التي تعطي تأويل الدلالي أبعاد جوهرية للفكرة التي أنتجت نصه ، وكذلك يبعد نصه عن الترهل والزوائد في طرح لغة المعنى المكثفة والموجزة ، بدل أن يبتعد الشاعر عن البؤرة النصية التي تعطي الدالة التأويل المنهجي للوحدة العضوية في النص . نجد هذا عند الشاعر جواد شلال في مجموعته (هكذا .. أعتقد ) الذي يحاول في هذه المجموعة أن يرتكز على الفكرة التي تجعل نصه ينمو بأبعاد أرتكازية منهجية، من خلال عنونة النص خارج إشكالية المضمون الذي يسبق الشكل والعكس ، بل يحاول أن يعطي المضمون أبعاد تكوينية التي تجعل المعنى يمتلأ بالشكل وحسب الدالة التي يريد أن يصل إليها من خلال نصه ، لهذا نجد أن الشاعر يحاول أن لا ينساق خارج فكرة النص والدلالة الموحية إليها ، معتمدا على التوتر الداخلي الذي يمده بالبعد البصري واللساني، لكي يعمق البؤرة النصية بأبعاد إيحائية دلالية ،وضمن فكرته التي أراد أن يجدها من خلال نصوصه في مجموعته ... 
ص13 نص رسالة إلى أميرتي ............. الشمس
(ليس هناك ... خبزٌ كافٍ /حتى اكتبَ لك ... رسالةَ /حبٍّ كبيرة حروفها /مملوءة بمشاعرِ عفويةِ رقيقة /أنا ذابلٌ .. بما يكفي ... لأكون .. /رشيقا بمفردات الغزل/لا أملك .../سوى شجرةِ نارنج
ذات نكهةٍ رائعة/لكنها عقيمةٌ /لذا ... سأكتبُ لك.. / رسالةً من نوعٍ آخرَ/أدوّنُ بها بعضَ رغباتي ... ووصفاً لأثاثي /رغبتي .../أن تشاركني أحلامي .... /امرأة ٌ /عاقلةٌ بعضَ الشيء .... كأنها ...شمس /تكنسُ كلَّ الرطوبة من عقلي / وتطردُ الأحلام الشقية/والمفردات الغريبة .... /لمملوءة بالشتيمة /لتجعلني ... أحبُّ)
يبدأ نصه هذا (ليس هناك) لكي يباعد بين الفكرة الآنية وتحقيق المعنى، الذي يريد أن يوصل إليه ، ويعطي مساحته توصيفيه للحالة التي يعيشها ضمن زمن فكرته التكوينية الباطنية . يحاول الشاعر أن يعطي التوصيف الداخلي من خلال الأشياء حوله ، كما أنه لا يشير إليها مباشرة بقدر ما يثبت المعنى من الداخل، لكي يعكسه على الخارج دون المساس بفكرته الجوهرية ، أي أنه يبني النص حسب المعنى الداخلي والمكتسب من المعاني الخارجية ، والمساحة الفكرية لديه لا تتغير بتغير تأثير هذه الأشياء عليه لأنه ثابت بالمعنى الداخلي ، لهذا هو من يحدد الفكرة الارتدادية بموجب المعنى الذي يريد أن يكشفه ويعطيه معناه و يعيد الصياغته وحسب المنهجية القريبة لذاته ، لهذا يحدد المحاور التي يوصل إليها ، فهو لم يمتلك الخبز كي يعطي الحياة التي يريدها الأخر منه ، فكيف يعطي الأخر ما يريد ، وهو لا يملك غير شجرة النارنج وهي الشجرة الدائمة الخضرة، و لا يمتلك القدرة على أعطاء الأخر كل ما يريد، لكنه في نفس الوقت يمتلك الروح الخضراء ، رغم عقم الحياة التي حوله ،هنا يحقق الدلالة التي يريد أن يعطها رغم عقم الحياة حوله وفقرها .لكنه يمتلك الروح الخضراء التي تبعد الجفاف الحياتي عنه ، ورغم الذبول الذي يحيط به ، يحاول يبين أنه لا يمتلك المشاعر العفوية والرقيقة، لكي يكتب كل ما يريده الأخر لأن كل شيء ذابل ، لهذا سوف يدون ما يعيشه من الداخل فقط ،لأن الذبول جعله يفقد الرقة، لم يعد يمتلك الشفافية التي يكتب موجبها رسائل الغزل ، وأصبح كل شيء حوله عقيم وذابل ، ولا يمتلك سوى الرغبة بالحياة (ليس هناك ... خبزٌ كافٍ /حتى اكتبَ لك ... رسالةَ /حبٍّ كبيرة حروفها /مملوءة بمشاعرِ عفويةِ رقيقة /أنا ذابلٌ .. بما يكفي ... لأكون .. /رشيقا بمفردات الغزل/لا أملك .../سوى شجرةِ نارنج ذات نكهةٍ رائعة/لكنها عقيمةٌ /لذا ... سأكتبُ لك.. / رسالةً من نوعٍ آخرَ/أدوّنُ بها بعضَ رغباتي ... ووصفاً لأثاثي /رغبتي) لم يعد يفكر ويحلم إلا بامرأة تشاركه أحلامه وتعيش كما يعيش هو ، لتطرد عنه كل هذا الذبول ، و تبعد عن عقله الأحلام الشقية ، امرأة بسيطة بأحلامها وعاقلة باختياراتها ، تطرد السكون والرطوبة من فكرة ، لتعيش كما هو يعيش بعيدا عن المغامرات العاطفية والغزل غير المجدي له ، وتعطيه الحياة التي ينشد (أن تشاركني أحلامي .... /امرأة ٌ /عاقلةٌ بعضَ الشيء .... كأنها ...شمس /تكنسُ كلَّ الرطوبة من عقلي / وتطردُ الأحلام الشقية/والمفردات الغريبة .... /لمملوءة بالشتيمة /لتجعلني ... أحبُّ) والشاعر أستطاع أن يستخرج الصورة الذهنية بلسانية اللغة، التي أعطته التوصيف المعنوي لفكرته التي يعيشها من الداخل اتجاه كل ما يحدث حوله وبرؤية بنيوية دلالية ،وقد أعطاء التنوع الأستعاري لكل ما أرد أن يطرحه من خلال الإشارة عن ذاته من الداخل ...
ص 35 نص هكذا ... أعتقد 
(هكذا أعتقد/لا أظن .. أن الحماسةَ توشك أن تدغدغَ /أصابع القمر /والنور يتسربل من حافاتِ الشعر/موجةً اثر موجةٍ /كلّ المقاهي ستقفلُ أبوابها /والشوارعُ تعجُّ بمرايا الانعكاس /والأطفال يضحكون كثيرا ... حين يمرُّ النورُ من بين حدقاتِهم/إنا ... لا أظن /تتسع عيون الوطن .. لتشبه /حراءَهُ الموغلةَ بالرمل /وأشجار الآس والصّفصاف /طردتِ العصافير ... تكره كلَّ ابتهالاتها الوديعة /لا أغالي ... لست حادا جدا/سأوقظ عقلي /لأقول... ربما ينزلُ القمرُ هنا /عند تلك الساقية
قرب ذلك السّوقِ /بين حبيبين صامتين ... أوقفهما الشوق /كذلك /لا أظن /سأكون أكثر جنونا)
الشاعر بني جملته الشعرية الترقبية من خلال حواره الصامت ما بينه وبين كل ما يحيطه ،ومن خلال فعل الإشارة التي تعطيه بعد بنيوي في أظهار ما يفكر وما يريد أن يصل إليه، فيتوغل في داخله، لكي يعطي لانفعاله الداخلي بعد واسع من الترميز الذي يتطابق مع إحساساته الجوهرية العالقة ما بين حسه وفكرته الداخلية، والتي تكون فكرة الاعتقادية، والتي تمتد لتعطيه التصور الرؤيوي من أجل تركيب التناظر المعنوي مع الدالة، ليجعل نصه يتحرك ضمن الحدث الخارجي، وحسب بؤرة التكوينية في أبعاد الترميز داخل النص، وضمن مساحة حواره التصاعدي وفق التداعي الذهني الصوري ، أي أن الشاعر يبني جملته الشعرية من التمازج الكيفي ما بين التخيل الذهني والرموز الداخلية في باطنية الفكرة للمعنى ، ويعتمد على التخيل الواسع لكي يعيد صياغة الدالة وفق مدلولها،رغم خيالية الصور ، لكنه يعيد صياغتها لكي تلامس الواقع الخالي من التوقف والثبوت ، لأنه يصوغ كل ما يؤثر فيه حسب التدارك الفهمي للفكرة الوجودية المتمركزة داخل إحساسه نحو المسميات ،والشاعر يطلق خياله لشعوره أن كل شيء حوله لا يعطيه الانفراج الكامل للمعنى الذي يريد أن يثبته ، وقد بدأ نصه (هكذا أعتقد) لكي لا تتراجع فكرته وتأخذ منحنى أخر وتبعده عن المعنى الذي يريد أن يعطيه للرمز المتطابق مع رموزه الذهنية ، لأنه لا يؤمن بالتوقف بل يريد أن يحرك الأشياء حسب الصورة المخزونة داخله ، لأنه لا يعتقد ولا يظن ، أي أنه يستنفر الأشياء لكي ترتقي إلى مستوى المعنى الذي يريد أن يقربه من معناه ، فلا الحماسة قادرة أن تدغدغ أصابع القمر ولا النور يتسربل من حافات الشعر ، أي أن لحظة الإضاءة التي تعيد له القدرة على اكتشاف المعنى مفقودة ، فكل شيء حوله مقفول ، وأنه لا يستطيع أن يصل إليها ، لأن كل شيء منعكس أي عكس ما يجب أن يكون ،فلا شيء في الشوارع سوى ضحكة الأطفال التي تنير هذه الشوارع ، وهذا توقف كامل رغم محاولته التحرك وتحريك الأشياء، وسبب هذا التوقف هو أن الشوارع أصبحت فاقدة للمعنى والمتوقفة في كل شيء (هكذا أعتقد/لا أظن .. أن الحماسةَ توشك أن تدغدغَ /أصابع القمر /والنور يتسربل من حافاتِ الشعر/موجةً اثر موجةٍ /كلّ المقاهي ستقفلُ أبوابها /والشوارعُ تعجُّ بمرايا الانعكاس /والأطفال يضحكون كثيرا ... حين يمرُّ النورُ من بين حدقاتِهم)ويستمر الشاعر بالإيغال بالتخيل لكي يعيد رسم كل شيء حوله ولكن عكس ظنه ، لأنه يعرف أن المسميات بأشيائها لا تستجيب لتصوره الذهني ، لهذا يحاول يجنب نفسه الفكرة المجنحة خارج ظنه الواقعي ،فيحاول أن يلتقط المرئيات ويعيد موضعتها ضمن الحدث الواقعي ، ليعيد ترتيب المعنى من حرية فكرة المكان غير الواقعي ، و يكون علاقات جدلية تستطيع أن تربط كل هذه المسميات في وجودية المكان ، وحسب رؤيته البصرية التخيلية ، لهذا نجده دائما يطلق ظنونه (لا أظن )لكي لا يؤدي به إلى الخروج من الواقع برسم علاقات لا تستطيع أن تعطيه حقيقة الحياة التي يريد أن يراها ، أي أنه لا يريد أن يعيش خارج الواقع ويصل إلى الجنون ، لأن كل شيء حوله لا يتحمل أن يرتبط مع بعضه ويصل إلى المعنى، وحتى الوطن أصبح لا يستطيع أن يعطيه ما يريد ، وأصبحت الحياة حوله فاقدة البراءة ، فالأشجار طردت العصافير وتكره الابتهالات الوديعة ، لهذا يستمر أسفار التخيل لكنه في النفس الوقت يحاول أن يردع هذا التخيل لكي لا يصل به إلى الهروب من الواقع ويقع في هذيان والجنون (إنا ... لا أظن /تتسع عيون الوطن .. لتشبه /حراءَهُ الموغلةَ بالرمل /وأشجار الآس والصّفصاف /طردتِ العصافير ... تكره كلَّ ابتهالاتها الوديعة /لا أغالي ... لست حادا جدا/سأوقظ عقلي /لأقول... ربما ينزلُ القمرُ هنا /عند تلك الساقية قرب ذلك السّوقِ /بين حبيبين صامتين ... أوقفهما الشوق /كذلك /لا أظن /سأكون أكثر جنونا) والشاعر هنا أعطى صورة لواقعة الحياة ، وأن التخيل خارج نواميس الحقيقة الحية قد تصل به إلى الجنون ، وهذه دعوة لأن تعيش في الواقع رغم أنه لا يعطيك ما تريد في الحياة ،لأن التخيل المفرط يؤدي بك إلى الهذيان والجنون ...
ص 55 نص ذاكرة من الماء
(ذاكرةُ شاعرٍ/حقاً؟ /إنا امتلكتُ الهواءَ/ كلَّ الهواءِ /حتى المجراتِ البعيدةِ /كانتْ تغني لي /حقّاً
/إنا الذي أقحم الوقارُ عنقَهُ/ بفوهةِ الخوفِّ الطويلِ بينَ واحةٍ وأخرى/كان الهواءُ صلباً بقدرِ قبضةِ ماءٍ/أو شيءٍ من هذا التوصيفِ / أو بيتِ شعرٍ ...ينامُ بذاكرةِ شاعرٍ مخمورٍ/يصحو أيام الأحد فقط ... يحبُّ التقليدَ هكذا/حين تسربلتُ بقبضةِ الماءِ /كان مدهشاً/بحرٌ من القمحِ النيئ/ودموعٌ ساخنةٌ من ضوءِ كبدٍ مكلومٍ/وأشياء أخرى صغيرة /أشياء تخصُّ/الوردَ/السريرَ/قوافلَ الهواءِ الزاخرِ بالحنانِ /تصفيفَ الشعرِ المجنونِ )
يتصاعد التخيل عند الشاعر لكي يعطي التبرير والأسباب لهذا التخيل هو الشعر ، ويحاول أن يخلق العلاقات التشابكية بين رموزه التخيلية مع الواقع المتناظر مع حسه الوجودي لكي يبتعد كليا عن المباشرة والسقوط في الإبهام والغموض ، لهذا يحاول يكثف جملته بالصورة الخيالية السيميائية في ذهنية اللغة ، و يبعد نصه عن الترهل والزوائد ،و يعطي القيمة الكبيرة لمخيلته لأنه شاعر(ذاكرةُ شاعرٍ/حقاً؟) أي يستطيع أن يرتقي بلسانية لغته التكثيف ضمن منطقة الخيال الواقعي لا الخيال الطوبائي والذي يخرج المعنى إلى الفوضى والهذيان وتصبح صوره الشعرية ضبابية الدلالة . و يحاول أن يعطي الإدراك الذهني في حسية التخيل الانفعالي بعد مقارب لكل إحساساته الشعرية ، لأن الشعر هو الانتقال من الواقع المحيط إلى فضاء الشعر يوجد العلاقات التكوينية في مخيلته، التي تقارب الواقع من خلال رموزه ، ويدع مخليته الشعرية هي من تلتقط الرموز الغنية برموز الواقع في وجودية الإنسان ، والشاعر له القدر على مقاربة كل الأشياء ومسمياتها إلى المعنى من خلال دلالاتها التأويلية ، هو يمتلك الهواء والمجرات وكل المسميات الكونية ليعطيها علاقات تشاركية مع محيطه ، ويتحول الماء إلى قبضة ماء صلبه ، والذي يميز الشاعر جواد شلال . أنه يجيد رسم الخيال وفي نفس اللحظة لا يتركه خارج التوصيف الحقيقي للحياة ، بل يوقفه من خلال عمق مخيلته الشعرية ودورانها الكوني، لهذا يسقط كالشاعر المخمور (ذاكرةُ شاعرٍ/حقاً؟ /إنا امتلكتُ الهواءَ/ كلَّ الهواءِ /حتى المجراتِ البعيدةِ /كانتْ تغني لي /حقّاً/إنا الذي أقحم الوقارُ عنقَهُ/ بفوهةِ الخوفِّ الطويلِ بينَ واحةٍ وأخرى/كان الهواءُ صلباً بقدرِ قبضةِ ماءٍ/أو شيءٍ من هذا التوصيفِ / أو بيتِ شعرٍ ...ينامُ بذاكرةِ شاعرٍ مخمورٍ) ويستمر بإعطاء البعد الشعري أبعاد تكوينية تخضع حركة الحياة الكونية إلى علاقات تشاركية مع حركة الحياة الواقعية ، لكي تكون رموزه الشعرية هي رموز مقاربة لدالة للواقع، برموز كونية تعطي النسق في سلسلة المرئيات البصرية، والتي يرتبها الشاعر حسب المعنى التأملي للرؤيا، ليعيد تأويل الدالة حسب مدلولها وضمن نسق نصه الشعري، ويتصاعد هذا الخيال إلى حالة جذب كل النهائيات الحياتية إلى المعنى، ليثبت نمو النص وفق النص العمودي للفكرة الرؤيوية ، ويجعل من الهواء الزاخر بالحنان (يصحو أيام الأحد فقط ... يحبُّ التقليدَ هكذا/حين تسربلتُ بقبضةِ الماءِ /كان مدهشاً/بحرٌ من القمحِ النيئ/ودموعٌ ساخنةٌ من ضوءِ كبدٍ مكلومٍ/وأشياء أخرى صغيرة /أشياء تخصُّ/الوردَ/السريرَ/قوافلَ الهواءِ الزاخرِ بالحنانِ /تصفيفَ الشعرِ المجنونِ ) وندرك أن الشاعر في مجموعته هذه يكتب نفسه من خارجها، من خلال تأمله الفكري الباطني ، ليعطي نفسه مساحة واسعة من أعادة التأويل الدلالي ، وإعادة صياغة نصه الشعري ضمن العلاقات الكونية التأملية لرؤيته، لكي لا يسقط في منطقة هذيان للاوعي ، لهذا يحاول أن يتأمل ذاته من الخارج مع التصاقه بعالمه الذاتي ، لإدراكه أن الذات تمثل كل الكون بكل أشكالها الحية وحركتها في الحياة ،كما أنه يحاول أن يجعل من النص الشعري كائن يتطور وفق فهمه الكوني والحياة ، لهذا يعطيه كل رموز الكون بأفقها الخيالي التي تتطابق مع الحياة المحيطة حوله ،و لكي لا يجعل هذا الكائن منفلت من المعنى الإنساني ويسقط في حالة الجنون ، يحاول أن يقرب رموزه مع رموز الحياة .والشاعر أستطاع أن يستخدم لغة تكثف له النص وتعطيه أفق تأويلي في تكوين دردواله الشعرية في نصوص هذه المجموعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق