(العشاء في الوقت المتأخر )
العشاء جاهز .سوف نأكل وقد تأخر الوقت كثيراً .؟قالت العجوز ذلك وهي تضع الصحن الأخير على طاولة قديمة .عتيقة أسندت الى جانب السرير وبعض ألواح الخشب وصفيحة من (التنك)؟ولم تفرش حتى بقطعة قماش ..(وهي تهم بالجلوس)آه ,لقد نسيت الدواء والماء .فأنها لاتستطيع الأكل ,إلا أني سوف أقنعها بأخذه مع الطعام أو بعده مباشرة .ربما اقنعها .؟لأنها أصبحت هزيلة وضعيفة .وإن بقيت على هذه الحال لا تستطيع الخروج هذا اليوم .فالوقت يمضي سريعاً وسيخيم الظلام علينا بعد قليل ..نادتها ثانية .أنهضي .عزيزتي لقد تأخر الوقت..لقد تأخرنا ؟هل تعلمين أنك إن بقيت على هذه الحال ربما نطرد من هذه الغرفة ؟..تذكري أين كنا وكيف أصبحنا ..تأخذها الذكريات الى ذلك المكان (دار العجزة )حيث أودعت كل منهما فيه من قبل أقرب الناس أليهما (الأولاد),,
تذهب كي توقظها من نومها الثقيل ..ماذا جرى لك هذه الأيام صغيرتي (يامبيضت الشعر من الهموم)وبلمسة رقيقة من يدها وهي تمسح على شعرها (هيا حبيبتي أنتصف النهار علينا ولم نخرج بعد ,وتعلمين إن لم نخرج ماذا يحصل ..وكيف نعيشه..هيا .هيا ..يا أختي العزيزة .بعد أن نادتها بهذه العبارة .فتحت الأخرى عينيها وهي متثاقلة في حركتها وكأنها نامت دهراً.لقد (أيقضتيني) من حلم جميل .تقول لصاحبتها بعد أن جلست على فراشها متعبة وهي تفرك عينيها ..حلمت بأحد أولادي يأتي الى هذا المكان وينظر هذه الغرفة ومابها وحولها .بأشمئزاز .ويهز يده.بعد ذلك يلوح بالوداع ويمضي وكأن شيئاً لم يكن وكأني لست المرأة التي حملته في بطنها وأنجبته وربته وكبر ليصبح رجلاً.وكأنه لم يقرأ شيئاً من بطون الكتب عن الأم وماذا تقول الكتب السماوية بحقها ؟آه ليتني ما كنت لأرى هذا اليوم ..(همهمت)صاحبتها وهي حائرة تكلم نفسها (ماذا لو عرفت بأن هذا ليس حلماً.,ربما تقع مغمي عليها .كيف أقول الأمر لها ..أأقول لها بأن أحد أولادها قد جاء فعلاً ودخل المكان ولكن ليس بدافع الفضول .أو ليرى أمه ,,بل ليأخذ منها تنازل آخر ؟
هيا .هيا يا ظلي ..تكلمها وتساعدها على الوقوف .وترتب ملابسها وفراشها ..لكل إنسان هموم وأحزان وذكريات .الوقت للعمل ولا يتسع للذكريات .(تقودها وتجلسها عند طاولة الطعام ..هيا حبيبتي.. كلي ما تستطيعين الأكل .فقد احضرت لك طعامك وشرابك المفضل ..؟مع الدواء المفضل ..لنستعد بعد ذلك (لمشوار العمل )حتى وقت متأخر .لهذا أرجو أن تأكلي .أتوسل أليك (كلي كي نأكل)؟فأنا أموت من دونك يا أختي العزيزة .فليس لبعضنا إلا بعضنا ..؟
بعد جهد ترد عليها وبكلمات تحسبها حساباً..(لأجلك ولأجل محبتنا سآكل كي نبقى معاً أطول وقت ممكن .(تمد يدها للأكل)فتنظر لها صديقتها بفرح وهي تأكل ببطيء(جاء زمن كنا إنتظرناه طويلاً)فأخذت تقرب لها ما تستطيع من المائدة عسى أن تأكل أكثر .وما زالت تشجعها على ذلك وبسرور (الآن نستطيع الخروج)..بعد أن تأخذي الدواء وهو جاهز وسأعطيك أياه بعد كوب من الشاي ..فترد عليها بعد أن دفعت الطعام (أشرب الشاي نعم .لكني لا أشرب الدواء .فطعمه مر وأحس بالغثيان منه ,,)أرجوك لا أريده ,بالله عليك لا أريده ..
إن كان للعمر بقية سيكون معك بلا دواء .(إهتمامك بي خير منه)..وبقية عمري أنا من يهتم بي من يواسيني في ليل وحدتي وليل عمري الطويل .هي الأخرى تدفع بالطعام وتذهب في نوبة بكاء ونحيب بعد أن أيقنت بأنها ستكون وحيدة .أذا استمرت صديقتها في مقاطعة الطعام والدواء معاً..
ألتفتت الى المريضة .كانت تبكي ..ليبكين معاً وبصوت ونحيب ..واعتنقن بعض..وبعد ن هدهن تب البكاء ..تأخذ مريضتها الى الفراش وهي تغطيها (نامي عزيزتي سأخرج أنا هذا اليوم وأعود أليك عند المساء بأسرع ما يمكن .ستكونين قد ارتحت حبيبتي .نامي .قد يكون الغد أفضل .(مع نفسها )ولو أني أشك في ذلك ..
تخرج من الغرفة وتغلق الباب بهدوء .ليبدء يوم آخر من المشقة والعوز والحرمان..
كانت قد أعتادت في مثل هذه الأزمات والخروج وحيدة تذهب الى مكان تقصده لوحدها لتأتي بأسرع ما يمكن في عودتها للغرفة وصديقتها الوحيدة التي خرجت بها من هذا العالم ..ولأن هذا المكان يغدق بما يستطيع عليها من النقود وبعض الأحيان مما تحتاج اليه من ضروريات .مثل الطعام والدواء حينما تكون بأمس الحاجة وصديقتها لنوبات مرضها المتكرر....
كانت قد سألتها أكثرمن مرة عن سر هذه السرعة التي تعود بها وهي محملة بالطعام والدواء المطلوب .وغالي الثمن إن وجد ..حيث كانت تتحجج لها بأعذار كثيرة ومنها (بأن الله أرزقها , أول نزولها الشارع )وأن الرزق يأتي من حيث لا ندري ..وأن أهل الخير والحلال دائماً موجودين وقريبون منا فقط عندما يسمعون النداء ..لكن مع الأيام لم تقنع صديقتها وأسئلتها المتكررة لها ..أخذت الأخرى تعطيها خيوط من هذا السر ..معتقدة جيداً بأنه سيدفن معها ؟ولأن خروجهن معاً لم يأتي بنصف الذي تأتي به .لما يثير أسئلة الشك لدى صديقتها ..
عندها قررت أن تعطيها سر هذا الرجل الذي يعطيها ما تطلب لقاء بعض التنازلات وهي تتحمل ذلك لحبها صديقتها .رغم ما يسبب لها من ألم وإنكسار أكبر من أنكسارها وهي تمد يدها في الشارع لأي كان ..
هذا السر الولد الذي طالما يؤرقها الحديث فيه وعنه لشدة الحدث ؟في تلك الليلة بعد أن عادت وهي محملة بما تريد وتحتاج .حتى وإن كان مقابل ثمن غال .قصت ..لصديقتها جليسة المرض قصة هذا السر الدفين بل الولد الدفين الذي أخذ أكثر مما يستحق .بعد أن تحقق له ما يريد وهو الأستيلاء على البيت الأرث وحتى راتب والده المتوفي لم يسلم منه .في هذه الأثناء كانت المريضة ترقد من دون حركة وعليها علامات (الموت).في الجسد الشاحب وكأنها هيكل عظمي مغطى نصفه ,وعينان غائرتان قي نتوء .عينان لم تريا ما تحب إلا هذه المرأة التي جاءت بعد فوات الأوان لتراها بلا حراك ..وبعد مناداة متكررة لصديقتها الراقدة في غيبوبة الموت .وحيث سكون الجسد والحركة ..ولا إجابة من اعز إنسان لها في هذه اللحظة السوداء التي تضيف لحياتها سواداً ومأساة لا تستطيع تحملها في لحظة الضعف هذه..فتخرج مذهولة الى الشارع علها تجد من ينجدهاويساعد صديقتها (الجثة) العزيزة عليها في غرفة الأحزان .أين تذهب بعد وأي مكان لها ومن يؤنسها في وحدتها .لا تعرف أين .وكيف ..لكن القدر لم يمهلها كثيراً لتجيب عن أسألتها (سيارة) مسرع عند عبورها الشارع ..وأنهت لها كل حياتها ..فتجمع الناس حول هذه (الجثة)..؟كما دخل مثلهم هناك في الغرفة التي ترقد فيها (الجثة) الأخرى ..وربما كان من بين هؤلاء أبنائها أو أحد المقربين ليكونو من بين المتفرجين ..؟
إنتهت .
14|4|2007
العشاء جاهز .سوف نأكل وقد تأخر الوقت كثيراً .؟قالت العجوز ذلك وهي تضع الصحن الأخير على طاولة قديمة .عتيقة أسندت الى جانب السرير وبعض ألواح الخشب وصفيحة من (التنك)؟ولم تفرش حتى بقطعة قماش ..(وهي تهم بالجلوس)آه ,لقد نسيت الدواء والماء .فأنها لاتستطيع الأكل ,إلا أني سوف أقنعها بأخذه مع الطعام أو بعده مباشرة .ربما اقنعها .؟لأنها أصبحت هزيلة وضعيفة .وإن بقيت على هذه الحال لا تستطيع الخروج هذا اليوم .فالوقت يمضي سريعاً وسيخيم الظلام علينا بعد قليل ..نادتها ثانية .أنهضي .عزيزتي لقد تأخر الوقت..لقد تأخرنا ؟هل تعلمين أنك إن بقيت على هذه الحال ربما نطرد من هذه الغرفة ؟..تذكري أين كنا وكيف أصبحنا ..تأخذها الذكريات الى ذلك المكان (دار العجزة )حيث أودعت كل منهما فيه من قبل أقرب الناس أليهما (الأولاد),,
تذهب كي توقظها من نومها الثقيل ..ماذا جرى لك هذه الأيام صغيرتي (يامبيضت الشعر من الهموم)وبلمسة رقيقة من يدها وهي تمسح على شعرها (هيا حبيبتي أنتصف النهار علينا ولم نخرج بعد ,وتعلمين إن لم نخرج ماذا يحصل ..وكيف نعيشه..هيا .هيا ..يا أختي العزيزة .بعد أن نادتها بهذه العبارة .فتحت الأخرى عينيها وهي متثاقلة في حركتها وكأنها نامت دهراً.لقد (أيقضتيني) من حلم جميل .تقول لصاحبتها بعد أن جلست على فراشها متعبة وهي تفرك عينيها ..حلمت بأحد أولادي يأتي الى هذا المكان وينظر هذه الغرفة ومابها وحولها .بأشمئزاز .ويهز يده.بعد ذلك يلوح بالوداع ويمضي وكأن شيئاً لم يكن وكأني لست المرأة التي حملته في بطنها وأنجبته وربته وكبر ليصبح رجلاً.وكأنه لم يقرأ شيئاً من بطون الكتب عن الأم وماذا تقول الكتب السماوية بحقها ؟آه ليتني ما كنت لأرى هذا اليوم ..(همهمت)صاحبتها وهي حائرة تكلم نفسها (ماذا لو عرفت بأن هذا ليس حلماً.,ربما تقع مغمي عليها .كيف أقول الأمر لها ..أأقول لها بأن أحد أولادها قد جاء فعلاً ودخل المكان ولكن ليس بدافع الفضول .أو ليرى أمه ,,بل ليأخذ منها تنازل آخر ؟
هيا .هيا يا ظلي ..تكلمها وتساعدها على الوقوف .وترتب ملابسها وفراشها ..لكل إنسان هموم وأحزان وذكريات .الوقت للعمل ولا يتسع للذكريات .(تقودها وتجلسها عند طاولة الطعام ..هيا حبيبتي.. كلي ما تستطيعين الأكل .فقد احضرت لك طعامك وشرابك المفضل ..؟مع الدواء المفضل ..لنستعد بعد ذلك (لمشوار العمل )حتى وقت متأخر .لهذا أرجو أن تأكلي .أتوسل أليك (كلي كي نأكل)؟فأنا أموت من دونك يا أختي العزيزة .فليس لبعضنا إلا بعضنا ..؟
بعد جهد ترد عليها وبكلمات تحسبها حساباً..(لأجلك ولأجل محبتنا سآكل كي نبقى معاً أطول وقت ممكن .(تمد يدها للأكل)فتنظر لها صديقتها بفرح وهي تأكل ببطيء(جاء زمن كنا إنتظرناه طويلاً)فأخذت تقرب لها ما تستطيع من المائدة عسى أن تأكل أكثر .وما زالت تشجعها على ذلك وبسرور (الآن نستطيع الخروج)..بعد أن تأخذي الدواء وهو جاهز وسأعطيك أياه بعد كوب من الشاي ..فترد عليها بعد أن دفعت الطعام (أشرب الشاي نعم .لكني لا أشرب الدواء .فطعمه مر وأحس بالغثيان منه ,,)أرجوك لا أريده ,بالله عليك لا أريده ..
إن كان للعمر بقية سيكون معك بلا دواء .(إهتمامك بي خير منه)..وبقية عمري أنا من يهتم بي من يواسيني في ليل وحدتي وليل عمري الطويل .هي الأخرى تدفع بالطعام وتذهب في نوبة بكاء ونحيب بعد أن أيقنت بأنها ستكون وحيدة .أذا استمرت صديقتها في مقاطعة الطعام والدواء معاً..
ألتفتت الى المريضة .كانت تبكي ..ليبكين معاً وبصوت ونحيب ..واعتنقن بعض..وبعد ن هدهن تب البكاء ..تأخذ مريضتها الى الفراش وهي تغطيها (نامي عزيزتي سأخرج أنا هذا اليوم وأعود أليك عند المساء بأسرع ما يمكن .ستكونين قد ارتحت حبيبتي .نامي .قد يكون الغد أفضل .(مع نفسها )ولو أني أشك في ذلك ..
تخرج من الغرفة وتغلق الباب بهدوء .ليبدء يوم آخر من المشقة والعوز والحرمان..
كانت قد أعتادت في مثل هذه الأزمات والخروج وحيدة تذهب الى مكان تقصده لوحدها لتأتي بأسرع ما يمكن في عودتها للغرفة وصديقتها الوحيدة التي خرجت بها من هذا العالم ..ولأن هذا المكان يغدق بما يستطيع عليها من النقود وبعض الأحيان مما تحتاج اليه من ضروريات .مثل الطعام والدواء حينما تكون بأمس الحاجة وصديقتها لنوبات مرضها المتكرر....
كانت قد سألتها أكثرمن مرة عن سر هذه السرعة التي تعود بها وهي محملة بالطعام والدواء المطلوب .وغالي الثمن إن وجد ..حيث كانت تتحجج لها بأعذار كثيرة ومنها (بأن الله أرزقها , أول نزولها الشارع )وأن الرزق يأتي من حيث لا ندري ..وأن أهل الخير والحلال دائماً موجودين وقريبون منا فقط عندما يسمعون النداء ..لكن مع الأيام لم تقنع صديقتها وأسئلتها المتكررة لها ..أخذت الأخرى تعطيها خيوط من هذا السر ..معتقدة جيداً بأنه سيدفن معها ؟ولأن خروجهن معاً لم يأتي بنصف الذي تأتي به .لما يثير أسئلة الشك لدى صديقتها ..
عندها قررت أن تعطيها سر هذا الرجل الذي يعطيها ما تطلب لقاء بعض التنازلات وهي تتحمل ذلك لحبها صديقتها .رغم ما يسبب لها من ألم وإنكسار أكبر من أنكسارها وهي تمد يدها في الشارع لأي كان ..
هذا السر الولد الذي طالما يؤرقها الحديث فيه وعنه لشدة الحدث ؟في تلك الليلة بعد أن عادت وهي محملة بما تريد وتحتاج .حتى وإن كان مقابل ثمن غال .قصت ..لصديقتها جليسة المرض قصة هذا السر الدفين بل الولد الدفين الذي أخذ أكثر مما يستحق .بعد أن تحقق له ما يريد وهو الأستيلاء على البيت الأرث وحتى راتب والده المتوفي لم يسلم منه .في هذه الأثناء كانت المريضة ترقد من دون حركة وعليها علامات (الموت).في الجسد الشاحب وكأنها هيكل عظمي مغطى نصفه ,وعينان غائرتان قي نتوء .عينان لم تريا ما تحب إلا هذه المرأة التي جاءت بعد فوات الأوان لتراها بلا حراك ..وبعد مناداة متكررة لصديقتها الراقدة في غيبوبة الموت .وحيث سكون الجسد والحركة ..ولا إجابة من اعز إنسان لها في هذه اللحظة السوداء التي تضيف لحياتها سواداً ومأساة لا تستطيع تحملها في لحظة الضعف هذه..فتخرج مذهولة الى الشارع علها تجد من ينجدهاويساعد صديقتها (الجثة) العزيزة عليها في غرفة الأحزان .أين تذهب بعد وأي مكان لها ومن يؤنسها في وحدتها .لا تعرف أين .وكيف ..لكن القدر لم يمهلها كثيراً لتجيب عن أسألتها (سيارة) مسرع عند عبورها الشارع ..وأنهت لها كل حياتها ..فتجمع الناس حول هذه (الجثة)..؟كما دخل مثلهم هناك في الغرفة التي ترقد فيها (الجثة) الأخرى ..وربما كان من بين هؤلاء أبنائها أو أحد المقربين ليكونو من بين المتفرجين ..؟
إنتهت .
14|4|2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق