قصة قصيرة
ـ اللّص الحساس ـ
يوم مليء بالنشاط والحيوية لذلك الرجل الذي كان يجلس في مركبته الفاخرة ذات الثمن الذي يحتاج للعمل طوال حياته ليلاً ونهارا ليكسب جزء ضئيل من ثمن تلك السيارة وذلك البيت الفاره ذو الحديقتين الامامية والخلفية وذو الطابقين على مساحة مقدارها ستمائة متر مربع .كان جديد العهد بهذه الحياة لأنه قبل شهر من ذلك اليوم كان مديناً للبقال لشرائه كيلو غرام من البطاطا قدعجز عن دفع ثمنها للبقال وطلب منه امهاله لنهاية الشهر حيث يقبض مرتّبه الذي لايكفي لحياة اكثر من شخصين وكانت زوجته تتوسل لأجل ان يخصص لها مبلغا زهيدا لأحتياجها الشخصي وكان يعتذر لها بشدة ويؤمّلها على الشهور القادمة. وفي صبيحة احد ايام العطل الرسمية خرج ولده الصغير احمد على دراجة رباعية فأستوقفه ابن الجيران مهنّئاً له وسائلا له عن ثمنها فأجاب الولد الصغير لا ادري ياصديقي لا ادري. فقال صديقه ومن الذي يدري يا احمد? فأجاب : والدي فقط هو الذي يدري.
ـ ومنذ متى صار والدك متمكنا من شراء هكذا سلع غالية? وهل ساعده احد بشرائها او اشتراها بالتقسيط.
ـ لا اعلم ياصديقي والدي هو فقط من يعلم.
ـ ولماذا لم تسأل والدك يااحمد
ـ سألته ذات مرة وقال لي : اي شخص يسألك عن شراء الدراجة فقل له : ان الدراجة اشتراها من ماله الخاص.
ـ وبماذا اجيب عندما يقال لي من اين لوالدك فائض النقود ومن قبل شهر كان مطلوبا لجميع اصحاب الدكاكين
ـ ياولدي قل لهم ان سألوك مثل هذا السؤال بأن والدي يقول : أن الله يرزق من يشاء بغير حساب ولا ينبغي الشك في كتاب الله وآياته الكريمة.
ـ طيب وعندما يقال لي لماذا يرزق الله ابيك ولايرزق ابائنا فبما اجيب. ?
ـ قل لهم هل تعلّمون ربكم ماينبغي عليه فعله واين يرزق واين يمنع! ! هل انتم اعلم منه !! هكذا اجبهم يابني وكن بطلاً مثل اباك ولا يستفزونك بأسئلتهم وكن حاذقا لبقا ذكيا ولتكن اجاباتك بمنتهى الدبلوماسية والحكنة فمن جهة انت ترد وليذهبوا الى الجحيم سواء اقتنعوا او لم يقتنعوا بالجواب فنحن واجبنا الاجابة بالجواب الذي نحن مقتنعين به. لاهم .يابني ان تساؤلات الناس عن مكسب ابيك هي تساؤلات غبية ولايحق لهم ان يسألوك.
ـ ياابي اتفق معك بأنهم لايحق لهم ان يسألوني بالامور التي تجري في سياقهاالطبيعي لكن التحولات الكبيرة والانعطافات الشديدة هي مثار تساؤل. وانت انت ياابي لو شاهدتني غدا احمل حقيبة بها مئات الالوف من الدولارات واصرف منها بأريحية تامة الا يحق لك ان تتعجب !
ـ يابني نحن لسنا مجبرون ولا مضطرين ان نجيب الناس عن خصوصياتنا المالية وعن التفاصيل الدقيقة والاحصائية لمكاسبنا.
ـ لكن ياابي ان لم نجبهم فسوف تثار من حولنا الريبة وسنكون مشبوهين وقد تصاب سمعتنا بالشرخ جراء التكتم والاخفاء المبالغ به .
ـ يا احمد من المفروض ان لايسألوك عن مثل هذه الامور
- ولماذا لا نجيبهم بصراحة بأنك حصلت على المال الطائل بفترة قياسية بواسطة عملك (الكذائي)الشريف وبرأس مال من صديقك (فلان).
ـ لا ياولدي نحن كتومين على هذه الامور كي لايتعرض فلان للأبتزاز والاذى فنحن في بلد تعمه الفوضى وتنشط به عصابات الجريمة والابتزاز .
ـ وهل الافضل لنا ان يقال عنا سرّاق او محتالين اوتقاضينا اموالا عن اعمال لايمكننا ذكرها امام الناس او ان رؤوس اموال اعمالنا من اشخاص لايمكننا البوح بهم. ابي العزيز لا اطيق ان ارى نفسي ابن لرجل يرتاب الناس منه ويتهمونه وهو لايبال لما يهمس عليه الآخرين.
ـ يااحمد اسمعني جيدا . لاتنقل الي اسئلة الناس بعد اليوم فما شأنهم بأموالي واحوالي واذا انا سارق فالله له الحق وحده ان يسألني وهؤلاء الناس لاحياء لهم ولا ادب ولا ينبغي ان نمنحهم فرصة طرح الأسئلة .
ـ وماذا يضرنا ياابي لو اعلنا عن عدد اموالنا
ـ يااحمد لو اعلنا ذلك فسوف يدق بابنا كل يوم عشرات من المحتاجين والمعوزين .
ـ لكني اسمعك كل يوم تقول لجارنا: انا في خدمة الناس وابحث عن المحتاجين والمعوزين بالمجهر ابتغاء الاجر عند الله .
ـ يابني هذا الكلام نقوله للناس كي يكونوا راضين عنا. ولنحضى بأقصى فائدة منهم.
ـ ولماذا لايطابق فعلنا لقولنا ?
ـ لقد ارهقتني يااحمد .يابني نحن انزه ناس على وجه الارض وهؤلاء يثرثرون وقد اعتاد المجتمع على معاداة كل انسان ناجح بحياته. وادعوك يابني ان تكن مثل ابيك ولا تكترث لأقوال المرجفين والمشككين والمرتابين بنا. خرج احمد من غرفة ابيه لكنه عاد اليه بجريدة نشرت مقال تهكمي عن لصوص اثروا ثراء فاحشا بفترة وجيزة ويرفضون كشف سبب التحول بواقعهم الاقتصادي فجميع اقربائهم يعيشون على قوت يومهم ولا مجال لمزاعم الميراث واصدقائهم حفاة عراة ولا مجال لشراكات تجارية وهم ضمن الطبقة الفقيرة فلا مجال للعمل برؤوس اموالهم ولم يبق الا الشبهات من حولهم واتهامهم باللصوصية او توضيح هذه التحولات الضخمة والطارئة . التفت احمد لأبيه فرآه يصرخ من الألم الشديد برأسه قال احمد : ياابي ماذا دهاك لماذا رأسك يؤلمك بهذه الفضاعة?
ـ يابني انه بسبب هذا المقال التافه وبسبب صاحبه الحقير
ـ لكن ياابي المقال لم يتحدث عنك ولا يعنيك. ولاصلة لك به فلماذا هذه الاستجابة السلبية لديك ازاء مقال يتحدث عن ناس مشبوهين ?
ـ يابني انا حساس جدا .واي مقال يتحدث عن اناس مشبوهين فأنا ودون ارادة مني اشعر كأن كاتب المقال يقصدني بذلك
ويكاد راسي ينفجر الما بسبب انتقادهم للحالات المريبة. واضاف قائلا : ياولدي على المجتمع ان يداري حالة اباك وان يراعي شعوره قبل ان ينتقدوا اي رجل مشبوه بالعالم لأن ابيك حساس جدا يااحمد. ولا يحتمل انتقاد غيره فضلا عن نفسه.
رائد مهدي / العراق
ـ اللّص الحساس ـ
يوم مليء بالنشاط والحيوية لذلك الرجل الذي كان يجلس في مركبته الفاخرة ذات الثمن الذي يحتاج للعمل طوال حياته ليلاً ونهارا ليكسب جزء ضئيل من ثمن تلك السيارة وذلك البيت الفاره ذو الحديقتين الامامية والخلفية وذو الطابقين على مساحة مقدارها ستمائة متر مربع .كان جديد العهد بهذه الحياة لأنه قبل شهر من ذلك اليوم كان مديناً للبقال لشرائه كيلو غرام من البطاطا قدعجز عن دفع ثمنها للبقال وطلب منه امهاله لنهاية الشهر حيث يقبض مرتّبه الذي لايكفي لحياة اكثر من شخصين وكانت زوجته تتوسل لأجل ان يخصص لها مبلغا زهيدا لأحتياجها الشخصي وكان يعتذر لها بشدة ويؤمّلها على الشهور القادمة. وفي صبيحة احد ايام العطل الرسمية خرج ولده الصغير احمد على دراجة رباعية فأستوقفه ابن الجيران مهنّئاً له وسائلا له عن ثمنها فأجاب الولد الصغير لا ادري ياصديقي لا ادري. فقال صديقه ومن الذي يدري يا احمد? فأجاب : والدي فقط هو الذي يدري.
ـ ومنذ متى صار والدك متمكنا من شراء هكذا سلع غالية? وهل ساعده احد بشرائها او اشتراها بالتقسيط.
ـ لا اعلم ياصديقي والدي هو فقط من يعلم.
ـ ولماذا لم تسأل والدك يااحمد
ـ سألته ذات مرة وقال لي : اي شخص يسألك عن شراء الدراجة فقل له : ان الدراجة اشتراها من ماله الخاص.
ـ وبماذا اجيب عندما يقال لي من اين لوالدك فائض النقود ومن قبل شهر كان مطلوبا لجميع اصحاب الدكاكين
ـ ياولدي قل لهم ان سألوك مثل هذا السؤال بأن والدي يقول : أن الله يرزق من يشاء بغير حساب ولا ينبغي الشك في كتاب الله وآياته الكريمة.
ـ طيب وعندما يقال لي لماذا يرزق الله ابيك ولايرزق ابائنا فبما اجيب. ?
ـ قل لهم هل تعلّمون ربكم ماينبغي عليه فعله واين يرزق واين يمنع! ! هل انتم اعلم منه !! هكذا اجبهم يابني وكن بطلاً مثل اباك ولا يستفزونك بأسئلتهم وكن حاذقا لبقا ذكيا ولتكن اجاباتك بمنتهى الدبلوماسية والحكنة فمن جهة انت ترد وليذهبوا الى الجحيم سواء اقتنعوا او لم يقتنعوا بالجواب فنحن واجبنا الاجابة بالجواب الذي نحن مقتنعين به. لاهم .يابني ان تساؤلات الناس عن مكسب ابيك هي تساؤلات غبية ولايحق لهم ان يسألوك.
ـ ياابي اتفق معك بأنهم لايحق لهم ان يسألوني بالامور التي تجري في سياقهاالطبيعي لكن التحولات الكبيرة والانعطافات الشديدة هي مثار تساؤل. وانت انت ياابي لو شاهدتني غدا احمل حقيبة بها مئات الالوف من الدولارات واصرف منها بأريحية تامة الا يحق لك ان تتعجب !
ـ يابني نحن لسنا مجبرون ولا مضطرين ان نجيب الناس عن خصوصياتنا المالية وعن التفاصيل الدقيقة والاحصائية لمكاسبنا.
ـ لكن ياابي ان لم نجبهم فسوف تثار من حولنا الريبة وسنكون مشبوهين وقد تصاب سمعتنا بالشرخ جراء التكتم والاخفاء المبالغ به .
ـ يا احمد من المفروض ان لايسألوك عن مثل هذه الامور
- ولماذا لا نجيبهم بصراحة بأنك حصلت على المال الطائل بفترة قياسية بواسطة عملك (الكذائي)الشريف وبرأس مال من صديقك (فلان).
ـ لا ياولدي نحن كتومين على هذه الامور كي لايتعرض فلان للأبتزاز والاذى فنحن في بلد تعمه الفوضى وتنشط به عصابات الجريمة والابتزاز .
ـ وهل الافضل لنا ان يقال عنا سرّاق او محتالين اوتقاضينا اموالا عن اعمال لايمكننا ذكرها امام الناس او ان رؤوس اموال اعمالنا من اشخاص لايمكننا البوح بهم. ابي العزيز لا اطيق ان ارى نفسي ابن لرجل يرتاب الناس منه ويتهمونه وهو لايبال لما يهمس عليه الآخرين.
ـ يااحمد اسمعني جيدا . لاتنقل الي اسئلة الناس بعد اليوم فما شأنهم بأموالي واحوالي واذا انا سارق فالله له الحق وحده ان يسألني وهؤلاء الناس لاحياء لهم ولا ادب ولا ينبغي ان نمنحهم فرصة طرح الأسئلة .
ـ وماذا يضرنا ياابي لو اعلنا عن عدد اموالنا
ـ يااحمد لو اعلنا ذلك فسوف يدق بابنا كل يوم عشرات من المحتاجين والمعوزين .
ـ لكني اسمعك كل يوم تقول لجارنا: انا في خدمة الناس وابحث عن المحتاجين والمعوزين بالمجهر ابتغاء الاجر عند الله .
ـ يابني هذا الكلام نقوله للناس كي يكونوا راضين عنا. ولنحضى بأقصى فائدة منهم.
ـ ولماذا لايطابق فعلنا لقولنا ?
ـ لقد ارهقتني يااحمد .يابني نحن انزه ناس على وجه الارض وهؤلاء يثرثرون وقد اعتاد المجتمع على معاداة كل انسان ناجح بحياته. وادعوك يابني ان تكن مثل ابيك ولا تكترث لأقوال المرجفين والمشككين والمرتابين بنا. خرج احمد من غرفة ابيه لكنه عاد اليه بجريدة نشرت مقال تهكمي عن لصوص اثروا ثراء فاحشا بفترة وجيزة ويرفضون كشف سبب التحول بواقعهم الاقتصادي فجميع اقربائهم يعيشون على قوت يومهم ولا مجال لمزاعم الميراث واصدقائهم حفاة عراة ولا مجال لشراكات تجارية وهم ضمن الطبقة الفقيرة فلا مجال للعمل برؤوس اموالهم ولم يبق الا الشبهات من حولهم واتهامهم باللصوصية او توضيح هذه التحولات الضخمة والطارئة . التفت احمد لأبيه فرآه يصرخ من الألم الشديد برأسه قال احمد : ياابي ماذا دهاك لماذا رأسك يؤلمك بهذه الفضاعة?
ـ يابني انه بسبب هذا المقال التافه وبسبب صاحبه الحقير
ـ لكن ياابي المقال لم يتحدث عنك ولا يعنيك. ولاصلة لك به فلماذا هذه الاستجابة السلبية لديك ازاء مقال يتحدث عن ناس مشبوهين ?
ـ يابني انا حساس جدا .واي مقال يتحدث عن اناس مشبوهين فأنا ودون ارادة مني اشعر كأن كاتب المقال يقصدني بذلك
ويكاد راسي ينفجر الما بسبب انتقادهم للحالات المريبة. واضاف قائلا : ياولدي على المجتمع ان يداري حالة اباك وان يراعي شعوره قبل ان ينتقدوا اي رجل مشبوه بالعالم لأن ابيك حساس جدا يااحمد. ولا يحتمل انتقاد غيره فضلا عن نفسه.
رائد مهدي / العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق